الاثنين، 20 فبراير 2012

عودة الواصل - سعاد الحكيم


أظن أن من يقرأ كتاب "عودة الواصل" للدكتورة سعاد الحكيم لابد أن تلفته نقطتان: الأولى، هي اهتمامها المركز بمفهوم الجماعة والذي ترى أنه مفهوم صميمي وبنيوي في الوجدان الاسلامي. والثانية، هي الاهتمام بفكرة عمارة الكون.

والاهتمام بهاتين النقطتين ملفت لأنه جرى على غير المعتاد عند من تعرضوا لطرح الفكر الصوفي بشكل عام. فالمحور عندهم غالبا هو الفرد، وفردية طرق السلوك. كما أن الاهتمام العام متركز على وصول السالك. وأما ما وراء الوصول فعادة ما تموت عنه النصوص.

وفي المسيرة بين هاتين النقطتين، تظهر شخصيتان تستحوذان على المساحة بينهما، هما: النبي – صلى الله عليه وسلم، والولي الكامل.

أما النبي – صلى الله عليه وسلم – فلأن فكرة الجماعة تطلب وجود زعامة. ولكن ليس أي زعامة. انها تطلب زعامة جامعة، تتمتع بضمانة الهية في الأصل والمنبع وفي الطريق والنهايات. ولا زعامة لها هذه المواصفات الا النبي – صلى الله عليه وسلم. ففيه اجتمع كل ما صفا من كل الرسالات والنبوات الى ختامهما، كما أنه – صلى الله عليه وسلم – يتمتع بالضمانة الالهية المطلوبة من حيث أنه معصوم كله، وحضرة قربه، حمى محمية من الوساوس والهواجس والشياطين.

وأما الولي الكامل: فهو الواصل الى الحق، الراجع الى الخلق لعمارة الكون كمسلم محمدي التكوين، وبناء مجتمعه وأمته على ذلك المثال.

ولا شك أن الفقرة الأخيرة السابقة هي مما تميز به فكر الدكتورة سعاد الحكيم. ففي حين ماتت النصوص عند نقطة الوصول، واعتبرها كثيرون النقطة التي ترسم نهاية التجربة الصوفية للسالك، نجد في رؤية الدكتورة سعاد معارج كمالات جديدة تتكشف  بالرجوع من عين الجمع الى الجماعة.

ولعلي في نهاية رحلتي مع كتابها، لا أجدني الا مغردا معها بدعوتها الى كل الواصلين: "أنت، أيها الساكن في كهف الصمت، اشتاق انسان الوجود الى نغماتك".