السبت، 8 يناير 2022

التنافس في المستقبل سيكون على سبر اعماق "الممكن الالهي"

 


اظن ان البشرية منذ تكونها الاول، صُنعَت ولديها وعي فطري بطلاقة العلم الإلهي..

 

ولذلك، فان الفكرة التي سيطرت على سلالاتها الاولى التي أُهبِطت الى الارض هي الفكرة البدائية الساذجة: "المكتوب". جمال هذه الفكرة، انها ايدت طلاقة العلم الالهي، وفي ذات الوقت، منحت البشرية وضعية لا ارادية الاقدار التي كانت بحاجة اليها قبل ان يكون لديها اي فكرة انها ستكون يوماً ما قادرة عليها..

 

ثم توالت المعجزات؛ وهنا أدركت البشرية ان هناك دائرة اوسع، لا تتعارض ايضاً مع طلاقة العلم الالهي، ولكنها اوسع بكثير من دائرة "المكتوب" - هي دائرة "الممكن الإلهي". ولكن معضلة "الممكن الالهي" انها مساحة لا ارادية ايضاً؛ ولكن أهميتها انها كشفت أن طلاقة العلم الإلهي ليست محصورة في دائرة "المكتوب"، وأن توافيق القدر أكبر بشكل لا نهائي من ان نستطيع حصرها في نتائج توافيق "المكتوب". 

 

واستمرت البشرية في مساحتها اللاإرادية قرابة ثماني الفيات ونصف قبل ان تبدأ مرحلة "الثورة العلمية" في العام ١٥٤٣م على يد كوبرنيكوس. لقد استطاعت "الثورة العلمية" ان تكتشف مساحة جديدة مهمة في تاريخ البشرية، مساحة أكبر من "المكتوب" وأصغر من "الممكن الالهي" وهي مساحة "الاستعداد".

 

لقد أدركت البشرية ان "الاستعداد" قادر على ان يخرجها من ضيق مساحة "المكتوب" ويعطيها امكانية تحقيق طفرات ضمن دائرة "الممكن الالهي" الذي لا نهاية له. ولعل أبرز وأقرب مثال حول ما يمكن ان يفعله "الاستعداد" مثلاً، هو الالف تجربة التي قام بها توماس اديسون للوصول الى المصباح الكهربائي، والتي تكللت بالاكتشاف الذي اضاء العالم وغير من اسلوب حياة البشرية قاطبة الى الابد.

 

المشكلة، ان عالمنا بقي غارقاً في المساحات اللاإرادية وعجز عن إدراك قوة "الاستعداد" التي فتحت آفاق الامم المتقدمة على مساحة "الممكن الالهي" وامكاناته اللانهائية..

 

هذه الفجوة سوف تتعاظم مستقبلاً بشكل متضاعف؛ لان التنافس في المستقبل لم يعد على أطراف دائرة "الاستعداد" كما كان، بل أصبح على سبر اعماق "الممكن الالهي"، خاصة وان ادوات "الاستعداد" تتقدم بشكل مذهل ومطرد مع التقدم في اكتشاف "الممكن الالهي"؛ ونحن لا زلنا نواجه ذلك بأدوات كانت مستخدمة وصالحة في بداية التاريخ!