الاثنين، 26 نوفمبر 2018

مساندة موقف القصر أمر لا يحتاج الى (عزومة)



للمرة الديشيليون يثبت القصر أنه أكثر وعياً وحصافة ودبرة من جميع سلطات الدولة. فكلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح دورة مجلس الشورى والتي اكد فيها أن:
"الدولة ماضية في خططها لاستكمال تطوير اجهزة الدولة لضمان سلامة انفاذ الانظمة والتعليمات وتلافي اي تجاوزات او اخطاء"
جاءت واضحة وحازمة في تقريرها.
لقد استوعبت بعض السلطات عزم القصر - في قضية كقضية المواطن جمال خاشقجي مثلاً - فتحركت السلطة التنفيذية فوراً بتوقيف المشتبه بهم في العملية؛ وتحركت السلطة القضائية متمثلة في النائب العام بمباشرة التحقيقات والاستماع الى افادات المتصلين بالقضية.
اما على مستوى السلطات الاخرى فقد كان موقفها مفاجئاً!
الشورى لم يحرك ساكناً في مسعى القصر ولا حتى بطلب استماع لوزارة الخارجية مثلاً حول التجاوزات والأخطاء التي جرت داخل قنصلية من قنصلياتها بشكل استطاع أن يستغله المارقون لتنفيذ جريمتهم داخلها!؟ ولا الطلب من الوزارة أن تتعهد بتقديم مشروع عاجل لمراجعة وتنقية جميع اجراءاتها من كل شاردة وواردة فيها قد توحي باحتمالية تسمح لمثل هذه الحادثة بالتكرار.
وكذلك الصحافة (السلطة الرابعة) لم تستطيع أن تتفهم جُرح مؤسسة صحفية عريقة بثقل الواشنطن بوست في فقد احد منسوبيها، بغض النظر عن كون الفقيد جمال خاشقجي، ولا حاولت أن تقدم عزاءها للصحيفة في فقيدها لا بابداء التاثر، ولا عملياً بالتقدم بتبرعات للمنظمات الرسمية المعنية بشئون الصحفيين على المستوى الدولي تعبيراً عن أي نوع من التعاطف.
الرسالة التي تحتاج السلطات المتأخرة ان تستوعبها، أن مساندة موقف القصر امر لا يحتاج الى (عزومة).



الجمعة، 2 نوفمبر 2018

أسئلة مهمة حول فرصة (فورة في الاقتصاد في الستة شهور القادمة)



لقد قادت الادارة السعودية تصحيحاً اقتصادياً مهماً العام 2016م لتخليص الاقتصاد من التضخم الخطير الذي تسببت فيه (المضاربات المسمومة) على مدار فترة زمنية ممتدة ليست بالقصيرة.

المشكلة الأولى، أن اجراءات التصحيح بامكانك أن تبدأها، ولكنها بمجرد أن تأخذ مكانها فانها تصبح ذاتية القيادة ولا تملك الا التعامل معها والتخفيف من آثارها حتى تصل الى نهايتها.

الشيء الجيد، أننا ربما نشاهد الآن ملامح ما يمكن أن يكون نهاية فترة التصحيح هذه، فعادة ما تكون عمليات الاستغناء عن العمالة وبشكل مجموعات كبيرة نسبياً من آخر المظاهر ظهوراً في عمليات التصحيح الجوهرية.

وهذا يتطابق مع رأي شخصيات مهمة ومعتبرة توقعت مؤخراً (فورة في الاقتصاد في الستة شهور القادمة) باذن الله.

ولكن هناك تحفظ حيوي على هذا الرأي يحتاج الى طلب ايضاح، وهو أن برنامج التصحيح تزامن مع دخول المملكة في اطار تحالف دولي مدعوم من واشنطن في عملية عاصفة الحزم وما تلاها من عملية اعادة الأمل في اليمن.

صحيح أن هناك تصريح لوزير الدفاع الأمريكي صدر أخيراً يوم 30 أكتوبر عن رغبة واشنطن في (وقف الأطراف المتنازعة اطلاق النار في اليمن، والجلوس الى طاولة المفاوضات في غضون ثلاثين يوماً)؛ ولكن، وجود مثل تلك العمليات - حتى ولو كانت تقترب من نهايتها - عادة ما تحتاج الى فترة زمنية لمحو آثار السياسات المالية التي بُذلت لتغطيتها قبل أن تستعيد الأسواق انتعاشها و(فورتها).

فهل فترة الستة أشهر التي جرى التوقع بحدوث فورة في الاقتصاد فيها أخذت في الاعتبار الفترة المطلوبة للتخلص من آثار السياسات المالية التي بُذلت لتغطية عملية عاصفة الحزم وما تلاها من عملية اعادة الأمل في اليمن؟

أظن أنه ربما كان الوقت مناسباً الآن للاستماع الى التقديرات الرسمية، ممثلة في المالية، حول المدة الزمنية التي تتوقعها للتخلص من آثار نتائج تلك السياسات، وعن اجراءاتها في هذا الاطار.



الاثنين، 29 أكتوبر 2018

مهنية فريق الـ (15) أمر يحسد عليه!



جمال ليس (العملة) التي كانت ستقبلها تركيا لمبادلة (القس)؛ ولذلك كان لابد من البحث عن طرف ثالث مهتم بالوصول الى (جمال) وقادر على تقديم مقابل مُرضي للجانب التركي لجعل جمال عملة قابلة للتداول.

وقد نجح فريق الـ (15) في تقديم الحل الذي داخ عليه الأمريكان والأتراك بأكثر مما كانوا يتوقعون! فكمية البشاعة التي تضمنتها الأدلة التي تركها الفريق  وتجاوزاته أثناء عملية اختطاف جمال، كانت كفيلة بتوفير الضغط اللازم على الادارة لتحقيق التسوية المطلوبة لترضية الجانب التركي وربما زيادة.

ولقد كانت مهنية فريق الـ (15) أمراً يحسد عليه! فقد اهتم الفريق بتنفيذ العملية ومَسح جميع آثاره من مسرحها، ونسي أن يتفقد المسرح أساساً، احترازاً من أن تكون نسخة كربونية من كل تحركات الفريق فيه تُنقل حية على الهواء مباشرة الى الجانب التركي!



الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

عرض حادثة جمال على قواعد الديموقراطية.. أين هي ثغرة النظام في عيون الغرب؟




أولاً، المعذرة من آل الفقيد جمال خاشقجي على اعادة فتح الحديث عن حادثة وفاته، ولكن الحادثة تقتضي المراجعة. وقد حرصت في كل طرح على الاكتفاء بالاسم الاول للفقيد اشارة الى أن المقصود هو التعليق على الحادثة بشكل مستقل عن شخصه النبيل رحمة الله عليه.
ثانياً، المعذرة من كل الاجهزة الرسمية التي قد يجرنا الحديث لمناقشة اوضاع عامة فيها تستوجب التعليق. فالحادثة مروعة ولابد أن نبذل جميعنا كل ما في وسعنا لتفادي تكرارها مرة أخرى، ومعالجة الآثار التي ترتبت على حدوثها.
أظن أن حادثة جمال رحمة الله عليه لا يمكن تركها تمر دون عرضها على قواعد الديموقراطية لحصر مجموعة الاختراقات التي حصلت فيها على مسار الديموقراطية وتحديد الثغرة في النظام التي أقلقت الغرب وأزعجته.
بداية، ربما يصعب حصر ملامح الديموقراطية في نقاط محددة، ولكن يظل من الممكن رسم ملامح دقيقة قريبة جداً لها من خلال خمس مظاهر اساسية:
§             أن تكون الحكومة لها بيعة صريحة من الشعب.
§             أن تكون الحكومة ممثلة لمكونات الشعب.
§             سيادة القانون.
§             ضمان الحقوق الأساسية للفرد.
§      الضبط والتوازنات (Checks and Balances) بين الأجهزة الرسمية لمنع غولها.
وبالنظر الى النقاط عاليه، فانه يمكننا أن نخلص الى التالي:
بالنسبة للنقطتين الأولى والثانية، ليس بين المواطنين من يختلف على اطمئنانه اليهما الا في حدود تعليقات لرفع كفاءتهما ولكن ليس على أساسهما – بما فيهم جمال رحمة الله عليه.
وبالنسبة للنقطتين الثالثة والرابعة، فكون الرواية الرسمية تؤكد أن المجموعة التي قامت بالعملية كانت مجموعة (مارقة) عن النظام، فمسألة حفاظها على (سيادة القانون) و (الحقوق الأساسية للفرد) لا يمكن توقعها منها، ولا مؤاخذة النظام بجريرتها.
أما الثغرة القاتلة في الحادثة والتي كشفت عن موطن غير حصين في النظام فهي  غياب (الضبط والتوازنات) بين الأجهزة الرسمية والتي سمحت لمجموعة مارقة عن النظام من جهاز مثل جهاز الاستخبارات مثلاً في حالة جمال، بممارسات فيها اختراق لحقوق الانسان داخل القنصلية، ودون اعتراض هذه التجاوزات من قبل الخارجية ولا اتخاذ الاجراءات الرسمية لمنعها - ولا حتى بعد تأكد فشل العملية الاستخباراتية ووفاة جمال رحمة الله عليه خلالها.
وفي المحصلة، فان الذهنية التي يرى بها الغرب الحادثة هي أن القنصلية خذلت  المواطن جمال حياً وميتاً بعدم التزامها بمقتضيات الضبط والتوازنات الواجبة في مثل هذه الحالات، وهي التي من المفترض أن تكون الملاذ الآمن له ولأي مواطن في الخارج حتى تبلغه مأمنه – مهما كان وضعه – حتى يفصل القضاء المستقل في حالته.



الاثنين، 22 أكتوبر 2018

في تأبين جمال رحمة الله عليه



الفوازير من المورروثات الثقافية للشعوب.. وما يجعلها تعيش عبر العصور هو قدرتها على ولادة اجابات صحيحة لها تناسب كل جيل...
من هذه الفوازير: (قد الكف ويغلب مائة والف).. ويبدوا أن الاجابة التي تناسبها اليوم هي (قبضة جمال)...
فقد استطاعت قبضة رجل واحد اعزل دفاعاً عن مباديء أساسية ضد مجموعة من (المارقين) ان تطيح برؤوس فساد متنفذة وأذنابها.. ولا تزال توابع ضربة قبضته مستمرة...
رحمة الله عليه.. حاول أن يساهم في أن يكون غدنا أفضل مما ترك.. وقد فعل.



الأحد، 21 أكتوبر 2018

تراجيديا وفاة جمال رحمة الله عليه!




يبدوا أن غياب ضوابط الفصل بين صلاحيات الاجهزة تسببت في مأساة جمال رحمة الله عليه.
من الثانية الاولى لفشل عملية جهاز الاستخبارات داخل القنصلية، كان من الواجب انتقال مسرح العملية الى ادارة القنصلية فوراً لاتخاذ الاجراءات الرسمية.
لماذا تركت الخارجية مسرح العملية خارج ادارتها 
بعد فشل العملية الاستخباراتية؟
هذا هو السؤال الذي يحتاج الى اجابة. 



الخميس، 18 أكتوبر 2018

شفت.. وصلني هواك لوين؟!



(العنوان مقتبس من مطلع اغنية رائعة للفنان حسين الجسمي)

يمكن القول أن (الحماس) الذي  يصاحب الحركات الاصلاحية غالباً ما يخرج عن السيطرة  ويتسبب في ازمات عنيفة لها.

من أقرب الأمثلة الحديثة نسبياً، تزوير انتخابات 2010 لمجلس الشعب المصري والذي تسبب في  جزء كبير منه تطوع جموع  كبيرة  من الشرطة ومراقبي المراكز الانتخابية من  المتحمسين  للحزب الوطني ولفورة الاصلاح  التي كان  يجريها  في حينها؛  وكانت  النتيجة  كارثية  على  النظام  وعلى  الحركة الاصلاحية برمتها هناك.

الشاهد، عندما  يتطور (الحماس) في أي برنامج اصلاحي لدرجة يصل فيها الحماس لارضاء النظام على حساب القواعد السياسية الرشيدة فذلك تنبيه حاد بوجود حاجة ملحة لوقفة ونقطة نظام.



الاثنين، 1 أكتوبر 2018

طرح أرامكو.. كلمة أخيرة




ما يدفعني اليوم لإعادة الموضوع الى الواجهة مجدداً هو أهمية إلقاء الضوء على زاوية لم تأخذ حظها من المناقشة سابقاً؛ وهي القيمة الفريدة التي يقوم عليها (نموذج الطرح) الذي يقدمه طرح أرامكو، وليس الطرح بحد ذاته.
الجديد في النموذج المقترح لطرح أرامكو أنه يقود سابقة أولى في تاريخ النفط على مستوى العالم من خلال اقتراح آلية موازية لسوق المنتجات النفطية تسمح بتداول الاكتشافات المؤكدة الناتجة عن امتيازات التنقيب.
ما هي أهمية هذه السابقة بالنسبة لنا؟
أهم المستفيدين بطبيعة الحال من هذه السابقة هو قطاع التنقيب؛ حيث سيتمكن بفضل هذه السابقة من الاستقلال عن المنظومة النفطية التي تعودنا عليها، ويتمكن من تحقيق عوائده التجارية من لحظة الكشف المؤكد ذاتها دون الحاجة لانتظار وصول اكتشافاته لسوق المنتجات النفطية. وهذا سيخلق محفز مهم لزيادة نشاط هذا القطاع.
واذا علمنا أن التوقعات تشير الى وجود تريليون برميل من النفط من المتوقع استكشافها حتى العام ٢٠٥٠م، وأن النسبة الأكبر منها تحديداً في منطقة الشرق الأوسط؛ عليه فإنه من المتوقع  أيضاً أن جزءاً مهماً من دخل القطاع النفطي للجهات المانحة لامتيازات التنقيب في المستقبل سيكون ناتجاً عن فورة نشاط أعمال هذا القطاع.
يتضح في المحصلة، أن نجاح (نموذج طرح أرامكو) ليس مجرد متحصلات نقدية من الطرح، وانما هو خطوة ثابتة، ستُحدِث تغييراً جذريا في الصناعة، وتساهم بشكل مباشر في تعظيم مكوِّن مهم من عوائدنا المستقبلية من القطاع النفطي.



الخميس، 27 سبتمبر 2018

لماذا من المتوقع أن تمتد فترة الانتعاش الحالية لأسعار النفط لفترة أطول هذه المرة؟



فعلياً، تسببت المضاربات المحمومة على النفط من جهة مديري صناديق الاستثمار في دفع الأسعار الى ما وراء ما تحتمله  أساسيات القيمة العادلة؛ تزامن ذلك مع ظهور فوضى استخدام بعض الدول عوائد النفط في ممارسات ساهمت في الاخلال بالامن الدولي على حساب التنمية التي كان من الممكن التغاضي عن خروج الاسعار عن مسارها العادل في سبيل تحقيقها؛ الأمر الذي قضى على كل حوافز وجود الأسعار عند تلك المستويات، وادى في النهاية الى ترك الاسعار للانهيار في 2008م.
ما يهمنا اليوم من رصد ذلك هو، أن معظم الدول التي شاركت في الفوضى بسلوكها السيء، واضاعت فرص تنموية جوهرية  على شعوبها - وعلى غيرهم - لـحساب مغامرات زائفة، قد تم التضييق عليها  بشكل حاسم في فترة الانتعاش الحالية لاسعار النفط - من خلال العقوبات.
ولذلك، فانه من المتوقع أن تمتد فترة الانتعاش الحالية لفترة أطول هذه المرة، وبأسعار تسمح بفرصة جديدة لتحقيق برامج تنموية مهمة للدول المتقيدة بشروط التنمية من الدول المنتجة، وبما يسمح للولايات المتحدة بمنحة من السماء  لردم جزء مهم من دَيْنها العام بحكم أن شركاتها هي المنتج الاكبر للنفط على مستوى العالم.
       

السبت، 22 سبتمبر 2018

السقوط الحر لأسعار النفط في يوليو 2008م ولماذا حدث؟



في الفترة بين 2003م الى 2008م دخلت العولمة في اوجها، وازداد الطلب على النفط تبعاً لذلك..

حدث ذلك بعد عقد تقريباً من انخفاض كبير في الاستثمار في مشروعات الطاقة، الامر الذي فاقم من ازمة المعروض؛ وبالتالي ساهم في زيادة ارتفاع الاسعار.

وزاد من حدة الحالة، المخاوف التي أثارها التوجه الايراني حينها نحو مشروعات التخصيب، والتي أثارت الذعر في المنطقة والعالم، وداعت الى الذاكرة مجدداً امكانية تأثر امدادات النفط بما قد يسببه النزاع المحتمل في المنطقة.

وفاقمها الى عنان السماء، دخول مديري صناديق الاستثمار. الذين رأوا في النفط مادة أولية مناسبة للاستثمار، خاصة وان التوقعات حول الطلب من الصين والهند كانت تصوراتها بلا حدود آنذاك 

ولكن (الحلو ما يكملش) على رأي المثل..

سياسياً، تسببت زيادة الاسعار الهائلة في نقل أموال ضخمة من المستوردين الى المصدِّرين، والذين في غالبهم  (المصدرين) دول، وبعضها دول كانت تشير لها أصابع اتهام مؤثرة برعاية الارهاب، وبعضها بأن لها مواقف مناهضة للديموقراطية؛ وبالتالي تولد ضغط معاكس غالب بضرورة اجهاض مستويات الاسعار التي وصلت اليها في يوليو 2008، وهو ما كان.



السبت، 8 سبتمبر 2018

نحو نموذج للتفكر في أسماء الله الحسنى



عندما تقف على نقطة القطب الشمالي (او الجنوبي)، فانك تقف على نقطة (احدية) متفردة بالنسبة لخطوط الطول.
تتميز هذه النقاط الأحدية بأنها ملتقى نقاط الطول كلها؛ وبالتالي هي نقاط (عماء) لا يمكن تمييز أي خط طول فيها على حدة.
ربما كان هذا النموذج مناسباً للتفكر في أسماء الله الحسنى.
§        فمن جهة، كونها نقطة التقاء واحدة لكل (الخطوط)، فهي تناسب كثيراً: (ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى).

§        ومن جهة اخرى، فان الأسماء المتقابلة، مثل: القابض والباسط، والظاهر والباطن وغيرها، وما يبدوا بينها من تعارض، فانه يزول في نقاط الأحدية، حيث تذوب معاني الأسماء وتصبح كامنة فيها، وتنعدم أي أحكام ظاهرية مميزة لها عن بعضها.

§        وأخيرأ، فمن حيث كونها نقاط (عماء) فهي تناسب كثيراً الأثر القدسي: (كنت كنزاً مكنوناً، فأردت أن أعرف فخلقت الخلق)؛ وهي صورة تناسب تصور السادة الصوفية عن بداية الكون.



الأربعاء، 29 أغسطس 2018

أهمية اتفاقية استعادة سيناء في الصراع العربي - الاسرائيلي وتكريم مستحق للرئيس السادات من الكونجرس




في اطار انهاء انجلترا لانتدابها على الاراضي الفلسطينية سنة 47، قامت بتقسيم الارض الى ثلاث قطاعات: اراض عربية، واراض اسرائيلية، والقدس. واخذت موافقة اغلبية من الامم المتحدة على ذلك التقسيم؛ مما اكسبه شرعية دولية.

ثم استطاعت اسرائيل في حرب الأيام الستة - سنة 67 - من السيطرة و التوسع وصولاً الى حواف كل الحدود الطبيعية المحيطة بها. شمل ذلك: البحر الميت وهضبة الجولان شرقاً، والحدود اللبنانية شمالاً، والى البحر الاحمر وقناة السويس في الجنوب الغربي.

بطبيعة الحال، لم تتمتع الاراضي التي اخذت بالعدوان في 67 بالشرعية الدولية التي كانت تغطي الحدود الاسرائيلية التي حصلت عليها في سنة 48. 

ومن هنا تأتي اهمية اتفاقية استعادة سيناء التي استطاع احرازها الرئيس السادات – وحيداً.

لقد استطاعت الاتفاقية ان تؤسس لسابقتين مهمتين:

·   اولاً، ان الاراضي التي تم الاستحواذ عليها من قبل الجانب الاسرائيلي في 67، خارج حدود سنة 48، هي اراض تم الاستحواذ عليها بالعدوان والقوة وليس له شرعية غيرها تؤيده. 

·    ثانياً، الاعتراف الاسرائيلي الضمني بحق اصحاب الارض في استعادتها، على اساس ما جرى من اعادة سيناء للدولة المصرية. 

وبذلك يرى الكونجرس ان جهود السيد الرئيس محمد انور السادات، حتى بعد مرور 40 عاماً على توقيع الاتفاقية، هي جهود تستحق التكريم؛ فقد أسست لسابقة مهمة، ليس فقط لحقوق الدولة  المصرية؛ ولكنها قدمت لجميع الدول المتأثرة بنتائج حرب 67 سابقة قانونية لتحقيق استعادة أراضيها كخطوة حيوية في  مسار الوصول الى احلال السلام في المنطقة.







الأحد، 26 أغسطس 2018

ما الذي جرى حول طرح ارامكو مؤخراً؟



عندما نفصل الاحداث عن سياقها التي ظهرت فيه فاننا نتصور ان تطوراتها كانت دراماتيكية باكثر مما يجب! الحقيقة ان هناك سبب وجيه للغط الذي دار حول طرح ارامكو مؤخراً.
لقد صادف يوم 17 أغسطس 2018 يوم صدور تقرير ارامكو السنوي، والذي اكدت فيه كلمة رئيس مجلس ادارة الشركة على:
"إن الشركة واصلت استعداداتها لطرح حصة من أسهمها للاكتتاب العام، وهو الأمر الذي يمثل حدثًا فارقًا تنتظره الشركة ومجلس إدارتها بحماس".
ثم فوجيء الناس - بعد خمسة ايام فقط، يوم 22 أغسطس 2018 - باخبار تتحدث عن الغاء الطرح، وتناقلتها وكالات انباء وصحف رصينة. لقد تسببت الصدفة البحتة (ربما!) في وضع مصداقية كلمة رئيس مجلس ادارة الشركة/الوزير محل شك واستفهام!
الموضوع اذاً ليس طرح حصة من ارامكو او لا؛ فهذا معلوم بأنه عملياً قد انتهى التجهيز له وأصبح البت فيه أمراً سياسيأً صِرفاً. ولكن ما تسبب فيه بث الخبر هو تحريك سؤال اكثر حساسية:

ما الذي جرى خلف الكواليس خلال الخمسة ايام وقلب موازين القرار 180 درجة ولم يكن مطلعاً على تطوراته رئيس مجلس الادارة نفسه؟



الخميس، 14 يونيو 2018

عندما جاء الاخوان على قميص الديموقراطية بدم كذِب مدعين أن (الذئب) اكلها!




عندما قام الاخوان بالانسحاب من انتخابات مجلس الشعب 2010م كانوا قد خلقوا ازمة دستورية لانتخابات الرئاسة القادمة، وجاءوا على قميص الديموقراطية في مصر بدم كذِب مدعين أن (الذئب) اكلها!
لقد فتح ذلك ابواب حصون الدولة المصرية (من الداخل) امام الغزاة للدخول لخلع مؤسسة الرئاسة القائمة بدعوى (الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الانسان) كما حدث في سابقة غزو بنما لخلع الرئيس مانويل نورييغا في ديسمبر 1989م؛ مع فارق أن غزو بنما قام به جهاز استخبارات مركزية بينما تم غزو مصر باستئجار اكبر حزب معارضة وبمشاركة شعبية.
الامر المثير للسخرية في دعوى الاخوان، ان (الذئب) الذي اتهم بدم الديموقراطية هو نفسه الرجل الذي نقل مؤسسة الرئاسة في مصر وبخطوة ديموقراطية عملاقة الى الجيل الثالث من الشرعية: شرعية (الانتخابات التعددية المباشرة) من خلال تعديلات دستور 71 في العام 2005م (بعد شرعية الاستفتاء وسابقتها شرعية ثورة 52).
ولكن تبقى هناك اسئلة حائرة للسيد الرئيس محمد حسني مبارك تبحث عن اجابات ملحة لتكتمل صورة ما جرى:
السؤال الأول، لماذا لم يعتذر عن انتخابات الرئاسة لعام 2005م؟
 اعتذاره كان سيرسل رسالة حاسمة لكل المراقبين، ويفسد على كل خصومه نواياهم، واستراحة كانت ستخلصه من كل كوابيس التوريث التي ابتلي بها. اضافة الى انه لو عاد للترشح في الانتخابات التالية لكانت حظوظه حتماً أفضل كثيراً من سابقة الرئيس الامريكي جروفر كليفلاند والذي كان الرئيس الـ 22 للولايات المتحدة، ثم عاد الى صفوف الشعب، ثم عاد وفاز في انتخابات الرئاسة مرة اخرى ليصبح الرئيس الـ 24.  
السؤال الثاني، السيد الرئيس، وبصفته حامي الدستور والمؤتمن عليه، لماذا لم يطالب وبشكل فوري المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب المنتخب بانتخابات عام 2010م وهو يعلم بالضرورة ان وجوده بذلك التمثيل الذي انتهى اليه يخالف روح الدستور الذي قام هو نفسه باجراء تعديلات عليه لتحقيق انتخابات رئاسية تعددية مباشرة عادلة ونزيهة؟




الجمعة، 1 يونيو 2018

ثورة 25 يناير ونظرية الاحتراق الداخلي



اظن انه من المناسب التقديم لهذه المقالة بنقطتين:

·        لعل من اوائل من تكلم في اخطاء العقل البشري حديثاً هو ادوارد دي بونو، وقد اشار الى ان من ابرز اخطاء العقل البشري هو امكانية خداعه من خلال اخلال تسلسل وصول المعلومات اليه.

وعليه، فان النتيجة العملية التي تترتب على ذلك هي: ان افضل تقييم للامور هو بعد استقرار احداثها وتشكُّل صورتها النهائية. 

واظن ان الواقع الان قد استقر بدرجة كافية تسمح بالقاء نظرة حديثة على ما جرى في 25 يناير بدون تشوهات او على الاقل بقدر محدود جداً منها.

·   اننا نعلم من عملية الاحتراق الداخلي للمحركات، ان هناك عنصرين لابد من تحققهما للحصول على الطاقة الحركية المرجوة منها بكفاءة، وهما:

§        سرعة الاشتعال
§        الاشتعال الكامل لحقنة الوقود

ونظرياً، لتحقيق سرعة الاشتعال، فانه يتم رفع درجة حرارة مزيج الوقود داخل اسطوانة المحرك من خلال ضغطه بمكبس المحرك – حيث هناك علاقة طردية حاكمة بين الضغط ودرجة الحرارة داخل حيز الاسطوانة.

ويتم اتاحة الفرصة لحدوث اشتعال كامل للوقود من خلال تحويل كمية الوقود المحقون الى ذرات قابلة للاشتعال من بخار مزيج الوقود.

الشاهد مما سبق،

يبدوا ان الجهود الرامية لبناء (الفوضى الخلاقة) في المنطقة قد التقطت طرفاً لخيط مهم رات انه من الممكن النسج منه لقصة مثيرة يمكِّن لها تحريك مشروعها في المنطقة؛ وقد تحقق ذلك بوفاة الرئيس حافظ الاسد وخلافة نجله الرئيس بشار الاسد له على سدة الحكم.

توريث الحكم في دولة جمهورية اعتُبِر انتكاسة خطيرة، و خطوة عملاقة الى الوراء في طريق تحقيق الديموقراطية في المنطقة؛ وقصة فيها من الاثارة ما يكفي لدفع جهود برنامج (الديبلوماسية والتنمية) لتسريع وتيرة التغيير في المنطقة لمنع حدوث انتكاسات مشابهة في دول مؤثرة في الشرق الاوسط، وتأكيداً في اهم دولة من دول منظومة الشرق الاوسط – مصر. خاصة وان خطوة توريث الحكم في سوريا تزامنت مع دخول السيد جمال مبارك الى الحياة السياسية، وهو ما دق اجراس الخطر في كل مكان، سواء كانت الخطوة مقصودة او لا.

واغلب الظن ان سرعة تألُّق نجم السيد جمال مبارك، ونجاحه الملفت، شكل ضغوطاً اضافية لضرورة تعجيل اطلاق برنامج (الديبلوماسية والتنمية) في اسرع وقت ممكن، وهو ما تم فعلاً في بدايات العام 2005م. واظن ان من اهم ثماره الاولى، الضغوط التي مورست من اجل تعديل الدستور للسماح بانتخابات تعددية مباشرة في مصر، والتي جاء استجابة لها تعديل دستور 71 في مايو 2005م، واجراء اول انتخابات تعددية مباشرة في سبتمبر من نفس السنة.  

وبالتأكيد، فان قرار السيد الرئيس محمد حسني مبارك المشاركة في انتخابات الرئاسة عام 2005م وفوزه بها لم يساهم بشكل ايجابي في اطفاء مخاوف امكانية توريث الحكم، بل ربما زاد من احتماليتها واجَّجها.

ثم جاءت الضربة القاضية في انتخابات مجلس الشعب عام 2010م.

فوز اعضاء الحزب الوطني الحاكم في تلك الانتخابات باغلبية ساحقة بعد انسحاب الاخوان المسلمين منها (بصفة مستقلين) جعل من المستحيل - بموجب تعديل الدستور في مايو 2005م - الحصول على تأييد خمسة وستون عضواً من اعضاء مجلس الشعب للترشُّح للرئاسة خارج سيطرة الحزب الوطني. 

لقد احرقت هذه الخطوة كل جهود محاولة اثبات حسن النوايا والتطمينات التي حاول ان يقدمها السيد الرئيس محمد حسني مبارك من خلال اجراءات تعديل الدستور في 2005!

وبطبيعة الحال، فان التساؤل حول انسحاب الاخوان المسلمين من الانتخابات، وهل كان انسحاباً نتيجة مضايقات اثناء العملية الانتخابية فعلاً؟ ام هو تصرف مدفوع الثمن؟ يصبح سؤالاً ملحاً جداً جداً هنا...

في ميزان العمل السياسي، اظن ان رواية تضحية الاخوان المسلمين بـ 19% او تزيد قليلاً من مقاعد مجلس الشعب بدون مقابل، نتيجة مجرد مضايقات، تبدوا فكرة افلاطونية وساذجة اكثر مما يمكن تصديقه! 

وأظن ان ما تلى الثورة من مكاسب تحققت بشكل مباشر لجماعة الاخوان المسلمين، ومكافأتهم بكرسي الرئاسة، ودعم ادارة الرئيس اوباما لمكتسباتهم يجعل الاستمرار في التفكير في اطار الانسحاب بسبب المضايقات ضرباً من العبَط!

لقد اسهمت خطوة انسحاب الاخوان المسلمين من انتخابات مجلس الشعب عام 2010م بدون شك في رفع درجة حرارة الموقف بالدرجة اللازمة لتسريع انفجار الثورة!

كان من الممكن وحتى تلك اللحظة ان ينتهي الموقف الى (زوبعة في فنجان) كما هي الحال النمطية لحركات تغيير عديدة في مصر سبقتها.

ولكن المفاجأة كانت في ظهور وسائل التواصل الاجتماعي - ولأول مرة في العمل السياسي - كلاعب اساسي ضمن ادوات أِحداث التغيير التي استخدمتها قوى فرض (الفوضى الخلاقة). لقد اسهمت تلك الوسائل بشكل فاعل في الوصول الى/تحريك مجموعات كبيرة من الناس بسرعة خارجة عن سيطرة الاجهزة الرسمية وجعلها في حالة نشطة قابلة للاشتعال والثورة.

لقد استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي في اول استخدام لها على مستوى العالم في العمل السياسي في تغيير الـ (زوبعة في فنجان) الى اعصار حقيقي اطاح بالنظام.     



الجمعة، 11 مايو 2018

انهيار اسعار النفط في العام 1986م ودروس لم نستفد منها



أولاً، يجب ان اتوجه بالشكر الجزيل للدكتور ماجد المنيف على كتابه (النفط بين ارث التاريخ وتحديات القرن الواحد والعشرين) والذي سلط الضوء بشكل مهم على ما جرى وصولاً بنا الى تلك النقطة المهمة من التاريخ من شهر يوليو 1986م.

كنت دائماً مهتماً باستكشاف ما جرَّنا الى تلك النقطة، ليس لاختصاص يربطني بقطاع النفط بشكل مباشر، ولكن – واعتقد ان هذا ينطبق على غالب جيل ما بعد اكتشاف النفط -  كان العام 1986م عاماً صادماً ومفاجئاً للجميع!

لقد كان العام 1986م المواجهة الاولى لجيل ما بعد اكتشاف النفط بان النفط ليس (عارضٌ ممطرنا) في كل احواله، وان تقلباته جارحه وبشكل غائر؛ وقادرة على تضريج التقارير المحاسبية للمؤسسات/الشركات باللون الاحمر، وعلى نطاق عريض - عامة وخاصة وحتى الكبيرة والمستقرة منها – وبلمح البصر!

كيف وصلنا الى يوليو 1986م؟

عندما نشأت السوق الفورية للنفط، بدا ان دول الاوبك كانت لا تزال تحت تأثير نشوتها بامكانية التأثير على مستويات اسعار النفط  وابقاءها عند مستوياتها المرتفعة - التي تسببت فيها بشكل رئيسي حينها الظروف الاستثنائية للثورة الايرانية والحرب العراقية الايرانية التي تبعتها - من خلال التحكم في كميات الانتاج؛ وهو ما اثبتت الايام لاحقاً انه لم يكن اكثر من مجرد اضغاث احلام.

لقد استطاع سعر السوق ان يفرض كلمته – كما يفعل ذلك في كل مرة – ولكن الاستيقاظ على ما جرى جاء متأخراً جداً. فقد حصل بعد ما وصل انتاج المملكة الى 2.2 مليون برميل يومياً  في اغسطس 1985م وهو مستوى يقارب انتاجها في منتصف الستينات - اي بعد شطب جهود عشرون عاماً كاملة!

وقد حاولت المملكة ان تستدرك ما جرى باللجوء الى ميزتها النسبية الاساسية وهي تكلفة انتاجها المنخفضة بدرجة معتبرة عن غيرها، من خلال انتهاج طريقة تسعير تدعى الـ NETBACK حاولت من خلالها جذب اكبر قدر من المشترين لتفضيلها من حيث انها البائع الذي بامكانه ان يقدم لهم هامش ربح اكبر من غيره.

لقد كانت فكرة ذكية بلا شك بالنسبة لسلعة يصعب بدرجة كبيرة ان تجد لها ميزة نسبية تعطيها تفوقا بين المنتجات المنافسة لها؛ ولكن ما لم يكن في الحسبان، هو تدفق واندفاع المنافسة سريعاً الى اعتماد نفس سياسة التسعير، الامر الذي قاد الوضع الى حرب اسعار مدمرة ادت الى انهيار اسعار النفط وصولاً الى 8.85 دولار لسعر برميل النفط العربي الخفيف في يوليو 1986م (وهو سعر الاشارة الذي يستدل به على تسعير بقية المنتجات).

الشاهد مما سبق:

§        اننا لم نتعلم منذ العام 1986م وحتى 2016م – ثلاثون عاماً! - بان النفط ليس (عارضٌ ممطرنا) في كل احواله، وان تقلباته جارحه وبشكل غائر؛ وقادرة على تضريج التقارير المحاسبية للمؤسسات/الشركات باللون الاحمر، وعلى نطاق عريض – عامة وخاصة وحتى الكبيرة والمستقرة منها – وبلمح البصر!

§        ولم نتعلم كذلك ان الميزة النسبية التي نتمتع بها، من كون تكلفة انتاجنا للنفط منخفضة بدرجة معتبرة عن غيرنا، ليست مكاناً مناسباً لاختيار سياسات من شأنها أن تؤجج حروب اسعار دامية - ولو كنا تعلمنا؛ لوفرنا على انفسنا تكرار تجربة مؤلمة مرة اخرى عندما سمحنا للسيد النعيمي لاحقاً ان يجرنا الى حافة الهاوية خلفه في محاولته (الدونكيخوتيَّة) لمحاربة جدوى النفط الصخري.