السبت، 28 أبريل 2018

وثيقة العمل الحر.. طفرة نوعية في علاج البطالة وخلق فرص العمل



تذهب بعض ادبيات الاعمال الى ان الترقي الطبيعي في عالم الاعمال يمر عبر اربع مراحل: الوظيفة، والعمل الحر، ورب العمل ثم المستثمر.

واظن ان ادارة هذه الصورة بدرجة 90o عكس عقارب الساعة من الممكن ان تضيف معلومة مهمة تعمق من فهم طبيعة هذا الترقي. فسوف ينتج عن هذه الاستدارة ان تظهر مرحلتي الوظيفة والعمل الحر في اساس الشكل.
واعتقد انها تعطينا بذلك فجراً أصدق للتفرقة بين مرحلتين مهمتين هما: مرحلة بناء الموارد المالية والخبرات والمرجعية اللازمة لاعطاء موثوقية مهمة لدعم ما يقدمه الفرد؛ ومرحلة تعظيم القيمة من الموارد المكتسبة.
لماذا هو مهم رؤية الفاصل الاخير عند معالجة موضوع البطالة؟
اعتقد انه يوضح نقطة في غاية الاهمية، وهي: أن رديف جهود التوظيف هو تطوير العمل الحر وليس تطوير دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة. واذا استطعنا فعلياً العمل على تطوير قاعدة عمل حر تسمح لهذا الاساس ببناء موارد مالية وخبرات ومرجعية ذات قيمة عالية؛ فاننا سوف نحصل تلقائياً على منشآت صغيرة ومتوسطة و استثمار رشيد في القطاع الخاص وليس العكس.
واعتقد ان وثيقة العمل الحر بما تسمح به من مرونة للعمل بالتوازي مع فرصة الدراسة او التوظيف، من الممكن ان تشكل مُسَرِّع مهم في بناء الموارد اللازمة؛ كما انها تصحح في نقل حلول معالجة البطالة وخلق فرص العمل من المشاححة على الفرص الوظيفية - المحدودة بطبيعتها في اي اقتصاد - الى رحابة الوفرة في قطاع العمل الحر.
هذا بالاضافة الى، ان وثيقة العمل الحر اذا اقترنت بالهوية الوطنية، وحساب بنكي مرتبط بالعمل الحر قيد الممارسة فانها تقضي على العديد من الممارسات السلبية التي كانت تحوم حول هذا النشاط مثل: التستر واقتصاد الظل وغسيل الاموال.
اعتقد اننا قفزنا فوق ما تقتضيه طبيعة الامور بالتوجه نحو دور لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقد حان الوقت ان نعيد التركيز الى حيث يجب ان يكون.   


  

السبت، 14 أبريل 2018

الخروج من ازمة انتكاسة التوقعات



تعاني الاسواق اليوم من متلازمة انتكاسات التوقعات بين الدولة والقطاع الخاص.

فعلى ما يبدو، ان الدولة عاتبة على القطاع الخاص انه لم يطور القطاع كما يجب وبما يلائم ما توفر له من امكانيات (تشير بعض التحليلات ان حجم الناتج المحلي للقطاع الخاص في العام 2015م بلغ 1.214 تريليون ريال فقط، بينما كان من المفترض ان يحقق 3.278 تريليون ريال).

ومن جهة اخرى، فقد استفاد من القروض المقدمة للقطاع الخاص في تسجيل ودائع فادحة دون تحقيق النتائج المرجوة منه. وهكذا، فقد بدا الامر وكأن القطاع الخاص عَامل القروض المقدمة للقطاع الخاص كثروة خاصة به، ونسي مصدرها، والالتزام الذي تعهد بانجازه مقابل حصوله عليها؛ وقد ادى ذلك الى انتكاسة خطيرة في توقعات الدولة من القطاع الخاص.

وعلى ما يبدو، ان الدولة اتخذت اجراءات صارمة للدفاع عن توقعاتها من خلال: ايقاف المشروعات وتعليق مستحقات المقاولين؛ كما اتخذت العديد من الاجراءات لاعادة تركيز السيولة في خزينتها من خلال: الاصلاحات الضريبية، واصدارات الصكوك، ومتحصلات الحملة على الفساد وطرح ارامكو المنتظر؛ وتوجيهها لتعظيم حجم ودور صندوق الاستثمارات العامة تهيئة لقيامه بالدور الذي فشل فيه القطاع الخاص.

هذا التوجه الاخير بدا واضحاً في جولات ولي العهد الاخيرة والتي غاب القطاع الخاص عن مشاهدها بشكل شبه تام، وبدا وكأن الدولة قررت قيادة الاقتصاد بعجلة واحدة؛ ولا شك ان ذلك شكل انتكاسة هائلة في توقعات القطاع الخاص.

كيف يمكننا ايقاف هذه الدائرة المغلقة من انتكاسات التوقعات المتبادلة؟

أظن أن هناك دور مهم ينتظر الوزراء المعنيين لانهاء ذلك، وتحقيق حد ادنى من التوقعات التي بامكانها تضخيم نتائج ادوار الطرفين وليس حذف بعضها ببعض.



الجمعة، 6 أبريل 2018

عندما تروي الارقام القصة من وجهة نظرها



عندما نشرت مصلحة الزكاة والدخل أن الزكاة على عروض التجارة1 في العام المالي 2015م بلغت 15.3 بليون ريال2، كانت الصورة الرديفة التي نقلتها عن القطاع الخاص هي ان راس المال العامل3 في القطاع الخاص في حدود 612 بليون ريال.

واذا افترضنا ان راس المال العامل المذكور يلبي احتياجات القطاع دون الحاجة الى اي اقتراض، كان من الواجب ان يكون حجم الناتج المحلي للقطاع الخاص (ايراداته)4 في المملكة 1.469 تريليون ريال

ولو اضفنا الى ذلك، القروض قصيرة الاجل التي قدمت للقطاع الخاص - حوالي 754 بليون ريال في 2015م5 - فان الصورة اسوأ من ذلك بكثير، ولكان من الواجب ان يكون حجم القطاع الخاص في المملكة في العام 2015م حوالي 3.278 تريليون ريال.

الواقع ان حجم القطاع الخاص في العام المالي 2015م لم يبلغ سوى 1.214 تريليون ريال6 فقط. وكان هذا يعني وجود 106 بليون ريال - بدون ادخال اثر القروض قصيرة الاجل التي قدمت للقطاع الخاص في الحساب - في شكل ودائع عاطلة عن المشاركة الاقتصادية في القطاع الخاص. 

وأظن ان من تنبه لذلك رأى الحل في مرحلتين:

1.  ضرورة استئصال الـ 106 بليون ريال - واكثر - لاعادة اللياقة الصحية التي يحتاجها القطاع.
2.  اعادة تهيئة واستخدام المبالغ التي يتم استئصالها في توسيع وتنويع القطاع الى الحجم الذي ينبغي ان يكون عليه.


لقد شاهدنا في نوفمبر الماضي المرحلة الاولى من الحل. وننتظر اليوم اتمام المهمة والبدء عاجلاً في توسيع القطاع الخاص وتنويعه، ونتائج سريعة تناسب سرعتها سرعة الاداء في المرحلة الاولى.



1. مقدار زكاة  عروض التجارة = (النقد + قيمة السِّلَع + الدُّيون المرجوَّة - ما عليه من الدُّيونِ) × 2.5%
       2. صحيفة الرياض العدد 17357
3. راس المال العامل = الاصول المتداولة – الخصوم المتداولة وهو أقرب صورة لعروض التجارة من واقع التقارير المحاسبية النظامية
4. الاصول المتداولة = (5/12) X الايرادات (من مرجعية الاسواق الناضجة)
5. موقع الاسواق العربية على الرابط https://bit.ly/2wRQ2Z3
6. الهيئة العامة للاحصاء