الجمعة، 3 نوفمبر 2023

الملائكة والشياطين: رمزية الضوء والنار

 

تتعرض ادبيات عديدة لتصوير الملائكة بالكائنات النورية، وتصوير الشياطين بالكائنات النارية .وهذه التصورات ربما حفزت التفكير في الاختلافات بين الطاقة الضوئية والطاقة الحرارية، والاسقاطات الممكنة من ذلك على عوالم الكائنات النورية والكائنات النارية

لعل ابرز الاختلافات بين الطاقة الضوئية والطاقة الحرارية ان الطاقة الضوئية لها مستويات طاقة محددة يمكن ان تكون عليها ولا تكون على غيرها؛ ولعل ذلك يذكرنا بتعريف الملائكة عن نفسها بـ (وما منا الا له مقام معلوم). اما الطاقة الحرارية فليست مرتبطة بمستويات محددة من الطاقة.

والاختلاف الرئيسي الثاني، هو ان الطاقة الضوئية قادرة على انتاج (شغل) بالمعني الفيزيائي للكلمة بشكل مباشر، دون الحاجة الى تدخل خارجي لتمكين ذلك. بينما تحتاج الطاقة الحرارية الى تدخل خارجي لتركيز انتشار ذراتها قبل ان تكون قادرة على انتاج (شغل). ولعل ذلك يفسر كثرة تداول فكرة جلسات (تحضير) الجن في الاعمال السحرية؛ كما ان ابليس نفسه، عرف عن نفسه في القرآن الكريم بانه (وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي)؛ فهو عاجز عن انتاج اي (شغل) الا بتمكين الانسان له من نفسه للقيام بذلك.

انتهى.




السبت، 28 أكتوبر 2023

السعودية واستراتيجية جذب الشركات الدولية: تقييم ورأي

 

تستفيد الدول من نقل مقرات الشركات الدولية إليها من خلال مجموعة من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والسياسيةبالإضافة إلى هذه الفوائد، يمكن أن يؤدي نقل مقرات الشركات الدولية إلى تحسين بيئة الأعمال في الدولة، مما يجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية. كما يمكن أن يؤدي إلى زيادة التنافسية بين الشركات المحلية والدولية، مما يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.

وبالنسبة للمملكة، هناك العديد من العوامل التي تدفع الشركات الدولية ان تضع في اعتبارها نقل مقراتها إليها:

·       تتمتع السعودية بقيادة ديناميكية وطموحة، وتلعب دورًا رائدًا في التحول في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وقد ترغب أي شركة دولية في نقل مقرها إلى السعودية من أجل الاستفادة من هذا التحول.

·       موقع المملكة الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، مما يجعلها مركزًا تجاريًا ولوجستيا رئيسيًا يمنح الشركات الدولية سيولة الوصول إلى الأسواق العالمية.

·       الاقتصاد القوي والنمو المستمر والمستقر في المملكة.

·       البنية التحتية المتطورة في المملكة، بما في ذلك المطارات والموانئ والطرق السريعة والاتصالات.

بالطبع، هناك بعض التحديات التي قد تواجهها أي شركة دولية عند التفكير في نقل مقرها إلى السعودية، مثل:

·       التكاليف المالية والإدارية لنقل مقراتها الى السعودية.

·       نقص المهارات، حيث لا تزال السعودية تعاني من نقص في بعض المهارات الفنية.

·       الثقافة المحلية، فقد تواجه الشركات الدولية بعض التحديات في التكيف مع الثقافة المحلية.

ورغم وعي المملكة التام بمدى صعوبة وقسوة بعض هذه التحديات لدرجة قد تفوق مرونة بعض تلك الشركات على اتخاذ قرار نقل مقراتها الى المملكة الا انها تتخذ موقفاً متشدداً تجاه سريان عقود الشركات التي تتأخر عن القيام بذلك. وهو ما لا يجب الانصراف في تقدير تبعاته الى ابعد من سعيها لإحراز مركز تفاوضي يسمح لها بالتفاوض على مجموعة من النقاط الحيوية في تقدمها، ومن ابرزها ممارسة ضغط ايجابي مشروع: 


·       لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة والذي يمكن أن يساعد في تنمية الاقتصاد السعودي وخلق فرص عمل.

·       ولتعزيز الابتكار والتكنولوجيا في المملكة، والذي يمكن أن يساهم في زيادة جاذبية المملكة كمركز عالمي للأعمال والاستثمارات.




الأحد، 8 أكتوبر 2023

تخصيب البويضة من هويات غير تقليدية: سابقة تاريخية وإمكانيات مستقبلية

 


سؤال: هل تخصيب البويضة من هويات غير تقليدية له سابقة في التاريخ البشري؟ وهل يمكن ان تكون خيرة وآمنة واخلاقية في نفس الوقت؟

 

الغريب، ان الاجابة هي: نعم! فقد شاءت ارادة الله ان يتم تخصيب البويضة في خلق عيسى عليه السلام بروح منه، وليس من نطفة. 

 

والغريب ايضاً هو ما نتج عن ذلك! فالهويات المكونة (للزيجوت) حافظت على استقلاليتها خلال عمليات انقسام الخلايا. وبالتالي، نما المولود بهويتين مستقلتين. وكان يمكنه التناوب بين الهويتين باختيار واعي بينهما.

 

هذه النقطة الاخيرة تجعل من الممكن التصور، ولو نظرياً، ان يتمكن النوع البشري يوماً ما من تخصيب البويضة من هوية غير تقليدية معدلة جينياً بأفضل انتاجات الذكاء الصناعي مثلاً، وبالتالي انتاج سلالات بقدرات متفوقة تتمكن في ذات الوقت من المحافظة على هوية النوع البشري فيها.




الجمعة، 22 سبتمبر 2023

الحظوظ في الحياة

 


الحظوظ هي الفرص التي تتاح للإنسان في حياته، والتي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق النجاح أو الازدهار. ومع ذلك، هناك العديد من الأسباب التي قد تمنع الناس من تحقيق حظوظهم، ومنها:

عدم القدرة على رؤية الفرص

السبب الأول هو عدم القدرة على رؤية الفرص من الأساس. قد يكون هذا بسبب محدودية القدرات الحسية للإنسان، أو بسبب التركيز على أمور أخرى قد تحجب الرؤية عن الفرص المتاحة.

 

رؤية الفرص متأخرًا

السبب الثاني هو رؤية الفرص متأخرًا جدًا، بحيث لا يعود ممكنًا فعل شيء حيالها. قد يكون هذا بسبب عدم اليقظة أو الحذر، أو بسبب عدم وجود المعلومات الكافية لاتخاذ قرار بشأن الفرصة.

عدم القدرة على اغتنام الفرص

السبب الثالث هو رؤية الفرص مبكراً بشكل كافي، ولكن حدود قدرات الشخص وامكانياته لا تساعده على اغتنامها. قد يكون هذا بسبب عدم امتلاك المهارات أو الخبرات اللازمة، أو بسبب عدم وجود الموارد الكافية.

وهذه الأسباب الثلاثة تجدها بشكل متفاوت ولكن بتركيز كبير بين الاشخاص الذين يعتقدون بانهم مسيرون في حياتهم.

الحل: تنمية القدرات الحسية والشخصية

لمقاومة شعور التسيير، وتحقيق حظوظ أكبر في الحياة، من المهم أن يكون الشخص قادراً على رؤية طيف الاختيارات المتاحة أمامه اساساً بشكل مبكر كافي، واستعداده للتعامل معها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

·       تنمية وتطوير قدرات جهازه الحسي لالتقاط افاق اوسع من الفرص في محيطه. يمكن القيام بذلك من خلال التركيز على التفاصيل، والوعي بالبيئة المحيطة، والانفتاح على التجارب الجديدة.

·       تطوير الشخص لقدراته باستمرار لزيادة سعته على الاستفادة من حظوظ اكبر من البيئة المحيطة به. يمكن القيام بذلك من خلال التعليم والتدريب، واكتساب المهارات والخبرات الجديدة، وتطوير الذات.

الخلاصة

الحظوظ في الحياة ليست أمرًا عشوائيًا، بل هي نتيجة لعوامل عديدة، منها القدرات الحسية والشخصية للإنسان. من خلال تنمية هذه القدرات، يمكن للإنسان أن يزيد من فرصه في تحقيق النجاح والازدهار.

الخميس، 21 سبتمبر 2023

الاعتقاد بأنك مسير هو ظلم لنفسك

 


هناك سببين رئيسيين وراء اعتقاد الناس أنهم مسيرون:

·  بعض الناس لا ينتبهون إلى الفرص التي تتاح لهم، إما لأنهم لا يعرفون كيف يبحثون عنها، أو لأنهم لا يؤمنون بأنفسهم.

·  وبعض الناس لا يطورون مهاراتهم وقدراتهم، مما يجعلهم غير مؤهلين لاستغلال الفرص التي تتاح لهم.

في كلتا الحالتين، ينتهي الشخص إلى الشعور بأنه ليس له من الأمر شيء، وأنه مسير في حياته. الحقيقة أنه لم يبحث فرصه وخياراته بشكل مسبق، وليس مسيراً في حقيقة الأمر.




الخميس، 14 سبتمبر 2023

القوانين الفيزيائية وتفاحة نيوتن وغراب قابيل

 



القوانين الفيزيائية في الكون اقرب في تصورها الى الكائنات المضافة على صفحة البوربوينت (objects) 

 

يتم ترتيب هذه الكائنات تلقائياً في طبقات حسب انشائها. احياناً يكون الكائن موجود في الطبقة التي في الواجهة، وبالتالي يمكن اختياره بشكل سهل ومستقل وتستطيع التعامل معه والتعرف على/تعديل خصائصه بشكل مباشر.

 

ولكن، ليست كل الكائنات كذلك. بعضها موجود في طبقات خلفية داخلية، وبالتالي تبدوا وكأنها من خلفية الواجهة، لا يمكن اختيارها للعمل عليها ولا التعرف على/تعديل خصائصها. 

 

هذه الكائنات للتعامل معها لابد لك من شيئين: اولاً، ان يحدث عندك ادراك بشكل ما بأن  الكائن موجود بشكل مستقل في طبقة من الطبقات الداخلية. ثانياً، ان تستطيع ان تقوم بإحضار الطبقة الموجود فيها ذلك الكائن الى الواجهة حتى تستطيع التعامل معه والتعرف على/تعديل خصائصه بشكل مباشر.

 

الشاهد هنا، أن قصة التفاحة الرمزية التي شدت انتباه نيوتن لسقوط الاجسام دائماً الى الأرض؛ الامر الذي دفع به بعد الدراسة الى تطوير قوانين الجاذبية؛ تشبه الى حد ما شد انتباه قابيل بـ {فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه}..

 

وهذه القصة جاءت كذلك بأشكال متنوعة وكثيرة، وفي اكتشافات أخرى عديدة، وهي تمثل دائماً وفي كل الحالات لحظة شد الانتباه الى وجود ذلك الكائن بشكل مستقل في طبقة من الطبقات الداخلية، وبالتالي حث التوجه المدرِك لقياسه، بعد ان كان يُظَن انه من خلفية الواجهة التي لا يمكن اختيارها للعمل عليها بشكل مستقل. 

 

وفي كل الحالات، أسهمت مراكز الأبحاث والمعامل بمهمة إحضار الطبقة الموجود فيها ذلك الكائن الى الواجهة للتعامل معه والتعرف عليه او تعديل خصائصه بشكل مباشر. 





الجمعة، 25 أغسطس 2023

عسكر وتكنوقراط (عما يجري في مصر المحروسة)





اظن انه من المناسب لطرح موضوعنا ان نبدأ بصورة مجملة عن التجارب التكنوقراطية حول العالم بداية من الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية..

 

يبدوا ان الحركة التكنوقراطية خلال هذه الفترة مرت بثلاث مراحل:

 

·     المرحلة الأولى، عندما شعرت بعض الدول بتأخرها التكنولوجي والاقتصادي، وفشل تجاربها التنموية المتكرر؛ وأخذاً بنصائح الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية، قامت بحفظ دور للتكنوقراط في التخطيط الاجتماعي والاقتصادي فيها. وقد عانت التكنوقراطية خلال هذه المرحلة فترة شديدة التذبذب، فيها الكثير من رفض توصياتها، والطرد أحياناً، والاستياء الشعبي غالباً؛ وهي المرحلة التي دخلتها مصر في الثمانينات من القرن الماضي.

 

·     المرحلة الثانية، كلما كانت ضغوط التحولات الاجتماعية السريعة، وضرورات الهيكلة الاقتصادية تزداد؛ كانت تزداد معها الحاجة الى افساح المجال بشكل اكبر لتوصيات التكنوقراط ودعمها، والى تحصينها من القوى المعارضة والتيارات الشعبوية.

 

مشكلة هذه المرحلة انها غالباً ما كانت تؤدي الى عجرفة وغرور التكنوقراطية، والى زيادة الاستياء الشعبي من آثار السياسات العقلانية وجفافها، والاوليغارشية المقترنة بها، وعدم احساسها بالتضحيات المجهدة التي تقع على الشرائح الضعيفة من المجتمع.. 

 

وكما حدث في ٣٠ سبتمبر ١٩٦٥م في اندونيسيا، ساق ذلك في ذروته الى لجوء الشباب الى الجيش لتحديث الإصلاحات؛ وهو يشبه من زاوية ما انتهى اليه المشهد في مصر في ٢٥ يناير ٢٠١١م. 

 

·     المرحلة الثالثة، وهي مرحلة نضج النموذج التكنوقراطي الذي وصلت اليه النمور الآسيوية بعد الانهيارات التي واجهتها في أواخر التسعينات من القرن الماضي (والتي بدأت في العام ١٩٩٧م) والقائم على ضرورة العمل الاستراتيجي المتماسك طويل الأجل المُصاحَب ببناء وصيانة شبكة كثيفة من المؤسسات الوسيطة التي يقودها التكنوقراط والتي تعمل بدور الوساطة بين ضرورات التنمية الوطنية والاقتصادات المتقدمة والمؤسسات والصناديق الاستثمارية الدولية.

 

هذه المرحلة هي ما تقف على اعتابه تماماً مصر اليوم. ولكنها لا تزال تراوح مكانها عنده منذ فبراير ٢٠١٦م. فمن شروط نجاح الوساطة مع الاقتصادات المتقدمة والمؤسسات الاستثمارية الدولية وجود دفع على ارض الواقع لتحقيق مدنية تقدمية حقيقية؛ وهو ما لن تعكسه ابداً صورة هيمنة النظام العسكري على نسبة مستفزة من حجم الإنتاج القومي.

 

الشاهد، ان مصر اليوم وبعد رحلة استغرقت ما يقارب الأربعين عاماً او تزيد قليلاً من تطور النضج التكنوقراطي قد وصلت اخيراً الى الصيغة المستعدة لإطلاق قدراتها وتحقيق المستقبل الذي تستحقه؛ اذا استطاع النظام العسكري فيها ان يذكر المصريين والعالم اجمع مرة أخرى بانه الجيش المستنير الحريص على جودة الحياة المدنية الآمنة المطمئنة لشعبه، ويفسح الطريق للتكنوقراط لإكمال مهمة ربط مصر بالاقتصادات المتقدمة والمؤسسات الاستثمارية الدولية.

 

الساحة التي يراقبها العالم اليوم بتدقيق في مصر لم تعد الحياة السياسية والحزبية، وانما العلاقة بين التكنوقراط والنظام العسكري، وحركة الأخير تحديداً التي ستحدد عملياً أي مستقبل ينتظر الجمهورية المصرية. 




السبت، 19 أغسطس 2023

افضل واسوأ النقلات على رقعة النفط السعودي



 



قد يكون مفيداً ان يتم عمل جردة دورية للأداء لتأكيد المسارات الناجحة واقصاء المسارات التي أخفقت، خاصة عندما يتعلق الأمر بمورِد حيوي مثل النفط بالنسبة للمملكة.

 


من اهم المسارات الناجحة التي تعاملنا بها مع النفط هي:

 

·      عدم الخلط بين قضية الدفاع عن السيادة على الثروة الوطنية بالطرق القانونية، وبين دعاوى القومية التي انهكت كل من انحدر فيها.

 

·      توسيع القدرات الإنتاجية الذي اكسب المملكة دورها الدولي في الحفاظ على توازن سوق النفط العالمي.

 

·      الاعتماد على القدرات التنافسية لقنوات التوزيع الحديثة في أسواق النفط.


·      تحويل معول الالتزام بين المنتجين من كميات الإنتاج الى كميات التصدير.

 


اما أسوأ المسارات التي أخفقت فكانت:

 

·      استغلال الميزة التنافسية لانخفاض تكلفة انتاج النفط السعودي لمحاولة فرض اتجاهات معينة على الأسواق الدولية للنفط.

·      محاولة ترويض أسواق النفط لسلوك اتجاه رشيد متجاهلاً كونه مورِداً استراتيجياً يتشابك بدرجة هائلة مع مفاصل سياسية دولية حيوية. فان الحال ينتهي بذلك كعازف يحاول الاعتماد على النوتة بدلاً من متابعة حركة المايسترو الذي يقود الاوركسترا. الامر الذي غالباً ما يئول الى نشاز العرض وينتهي بإقصاء العازف عن المشاركة فيه.