الخميس، 14 يونيو 2018

عندما جاء الاخوان على قميص الديموقراطية بدم كذِب مدعين أن (الذئب) اكلها!




عندما قام الاخوان بالانسحاب من انتخابات مجلس الشعب 2010م كانوا قد خلقوا ازمة دستورية لانتخابات الرئاسة القادمة، وجاءوا على قميص الديموقراطية في مصر بدم كذِب مدعين أن (الذئب) اكلها!
لقد فتح ذلك ابواب حصون الدولة المصرية (من الداخل) امام الغزاة للدخول لخلع مؤسسة الرئاسة القائمة بدعوى (الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الانسان) كما حدث في سابقة غزو بنما لخلع الرئيس مانويل نورييغا في ديسمبر 1989م؛ مع فارق أن غزو بنما قام به جهاز استخبارات مركزية بينما تم غزو مصر باستئجار اكبر حزب معارضة وبمشاركة شعبية.
الامر المثير للسخرية في دعوى الاخوان، ان (الذئب) الذي اتهم بدم الديموقراطية هو نفسه الرجل الذي نقل مؤسسة الرئاسة في مصر وبخطوة ديموقراطية عملاقة الى الجيل الثالث من الشرعية: شرعية (الانتخابات التعددية المباشرة) من خلال تعديلات دستور 71 في العام 2005م (بعد شرعية الاستفتاء وسابقتها شرعية ثورة 52).
ولكن تبقى هناك اسئلة حائرة للسيد الرئيس محمد حسني مبارك تبحث عن اجابات ملحة لتكتمل صورة ما جرى:
السؤال الأول، لماذا لم يعتذر عن انتخابات الرئاسة لعام 2005م؟
 اعتذاره كان سيرسل رسالة حاسمة لكل المراقبين، ويفسد على كل خصومه نواياهم، واستراحة كانت ستخلصه من كل كوابيس التوريث التي ابتلي بها. اضافة الى انه لو عاد للترشح في الانتخابات التالية لكانت حظوظه حتماً أفضل كثيراً من سابقة الرئيس الامريكي جروفر كليفلاند والذي كان الرئيس الـ 22 للولايات المتحدة، ثم عاد الى صفوف الشعب، ثم عاد وفاز في انتخابات الرئاسة مرة اخرى ليصبح الرئيس الـ 24.  
السؤال الثاني، السيد الرئيس، وبصفته حامي الدستور والمؤتمن عليه، لماذا لم يطالب وبشكل فوري المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب المنتخب بانتخابات عام 2010م وهو يعلم بالضرورة ان وجوده بذلك التمثيل الذي انتهى اليه يخالف روح الدستور الذي قام هو نفسه باجراء تعديلات عليه لتحقيق انتخابات رئاسية تعددية مباشرة عادلة ونزيهة؟




الجمعة، 1 يونيو 2018

ثورة 25 يناير ونظرية الاحتراق الداخلي



اظن انه من المناسب التقديم لهذه المقالة بنقطتين:

·        لعل من اوائل من تكلم في اخطاء العقل البشري حديثاً هو ادوارد دي بونو، وقد اشار الى ان من ابرز اخطاء العقل البشري هو امكانية خداعه من خلال اخلال تسلسل وصول المعلومات اليه.

وعليه، فان النتيجة العملية التي تترتب على ذلك هي: ان افضل تقييم للامور هو بعد استقرار احداثها وتشكُّل صورتها النهائية. 

واظن ان الواقع الان قد استقر بدرجة كافية تسمح بالقاء نظرة حديثة على ما جرى في 25 يناير بدون تشوهات او على الاقل بقدر محدود جداً منها.

·   اننا نعلم من عملية الاحتراق الداخلي للمحركات، ان هناك عنصرين لابد من تحققهما للحصول على الطاقة الحركية المرجوة منها بكفاءة، وهما:

§        سرعة الاشتعال
§        الاشتعال الكامل لحقنة الوقود

ونظرياً، لتحقيق سرعة الاشتعال، فانه يتم رفع درجة حرارة مزيج الوقود داخل اسطوانة المحرك من خلال ضغطه بمكبس المحرك – حيث هناك علاقة طردية حاكمة بين الضغط ودرجة الحرارة داخل حيز الاسطوانة.

ويتم اتاحة الفرصة لحدوث اشتعال كامل للوقود من خلال تحويل كمية الوقود المحقون الى ذرات قابلة للاشتعال من بخار مزيج الوقود.

الشاهد مما سبق،

يبدوا ان الجهود الرامية لبناء (الفوضى الخلاقة) في المنطقة قد التقطت طرفاً لخيط مهم رات انه من الممكن النسج منه لقصة مثيرة يمكِّن لها تحريك مشروعها في المنطقة؛ وقد تحقق ذلك بوفاة الرئيس حافظ الاسد وخلافة نجله الرئيس بشار الاسد له على سدة الحكم.

توريث الحكم في دولة جمهورية اعتُبِر انتكاسة خطيرة، و خطوة عملاقة الى الوراء في طريق تحقيق الديموقراطية في المنطقة؛ وقصة فيها من الاثارة ما يكفي لدفع جهود برنامج (الديبلوماسية والتنمية) لتسريع وتيرة التغيير في المنطقة لمنع حدوث انتكاسات مشابهة في دول مؤثرة في الشرق الاوسط، وتأكيداً في اهم دولة من دول منظومة الشرق الاوسط – مصر. خاصة وان خطوة توريث الحكم في سوريا تزامنت مع دخول السيد جمال مبارك الى الحياة السياسية، وهو ما دق اجراس الخطر في كل مكان، سواء كانت الخطوة مقصودة او لا.

واغلب الظن ان سرعة تألُّق نجم السيد جمال مبارك، ونجاحه الملفت، شكل ضغوطاً اضافية لضرورة تعجيل اطلاق برنامج (الديبلوماسية والتنمية) في اسرع وقت ممكن، وهو ما تم فعلاً في بدايات العام 2005م. واظن ان من اهم ثماره الاولى، الضغوط التي مورست من اجل تعديل الدستور للسماح بانتخابات تعددية مباشرة في مصر، والتي جاء استجابة لها تعديل دستور 71 في مايو 2005م، واجراء اول انتخابات تعددية مباشرة في سبتمبر من نفس السنة.  

وبالتأكيد، فان قرار السيد الرئيس محمد حسني مبارك المشاركة في انتخابات الرئاسة عام 2005م وفوزه بها لم يساهم بشكل ايجابي في اطفاء مخاوف امكانية توريث الحكم، بل ربما زاد من احتماليتها واجَّجها.

ثم جاءت الضربة القاضية في انتخابات مجلس الشعب عام 2010م.

فوز اعضاء الحزب الوطني الحاكم في تلك الانتخابات باغلبية ساحقة بعد انسحاب الاخوان المسلمين منها (بصفة مستقلين) جعل من المستحيل - بموجب تعديل الدستور في مايو 2005م - الحصول على تأييد خمسة وستون عضواً من اعضاء مجلس الشعب للترشُّح للرئاسة خارج سيطرة الحزب الوطني. 

لقد احرقت هذه الخطوة كل جهود محاولة اثبات حسن النوايا والتطمينات التي حاول ان يقدمها السيد الرئيس محمد حسني مبارك من خلال اجراءات تعديل الدستور في 2005!

وبطبيعة الحال، فان التساؤل حول انسحاب الاخوان المسلمين من الانتخابات، وهل كان انسحاباً نتيجة مضايقات اثناء العملية الانتخابية فعلاً؟ ام هو تصرف مدفوع الثمن؟ يصبح سؤالاً ملحاً جداً جداً هنا...

في ميزان العمل السياسي، اظن ان رواية تضحية الاخوان المسلمين بـ 19% او تزيد قليلاً من مقاعد مجلس الشعب بدون مقابل، نتيجة مجرد مضايقات، تبدوا فكرة افلاطونية وساذجة اكثر مما يمكن تصديقه! 

وأظن ان ما تلى الثورة من مكاسب تحققت بشكل مباشر لجماعة الاخوان المسلمين، ومكافأتهم بكرسي الرئاسة، ودعم ادارة الرئيس اوباما لمكتسباتهم يجعل الاستمرار في التفكير في اطار الانسحاب بسبب المضايقات ضرباً من العبَط!

لقد اسهمت خطوة انسحاب الاخوان المسلمين من انتخابات مجلس الشعب عام 2010م بدون شك في رفع درجة حرارة الموقف بالدرجة اللازمة لتسريع انفجار الثورة!

كان من الممكن وحتى تلك اللحظة ان ينتهي الموقف الى (زوبعة في فنجان) كما هي الحال النمطية لحركات تغيير عديدة في مصر سبقتها.

ولكن المفاجأة كانت في ظهور وسائل التواصل الاجتماعي - ولأول مرة في العمل السياسي - كلاعب اساسي ضمن ادوات أِحداث التغيير التي استخدمتها قوى فرض (الفوضى الخلاقة). لقد اسهمت تلك الوسائل بشكل فاعل في الوصول الى/تحريك مجموعات كبيرة من الناس بسرعة خارجة عن سيطرة الاجهزة الرسمية وجعلها في حالة نشطة قابلة للاشتعال والثورة.

لقد استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي في اول استخدام لها على مستوى العالم في العمل السياسي في تغيير الـ (زوبعة في فنجان) الى اعصار حقيقي اطاح بالنظام.