الجمعة، 30 مارس 2018

حركة السيولة بين الاسواق والخزينة (نسخة مختصرة)



كل التباديل والتوافيق في مسألة حركة السيولة بين الاسواق والخزينة يمكن التساهل معها، الا مع حالة واحدة: تجفيف الاسواق - بالتوازي مع - تركيز السيولة في الخزينة.

فهما امران يعملان بشكل مركب لخلق خلل في تركيز السيولة بين الاسواق والخزينة؛ مما يتولد عنه ضغط كفيل بعكس الحركة الطبيعية للسيولة، واحداث حالة تسرب غير مُنتِج، من الخزينة الى الاسواق، لصيانة الحد الادنى لحركة الاسواق ومنعها من الانهيار –  وهو نوع من التدخلات الغير كفؤة غالباً.

المعضلة اليوم، أن بعض اجراءات المالية التي اُتُخِذَت في البضع سنين الاخيرة  نتجت عنها أَعراضاً جانبية تمثلت في تجفيف الاسواق – بسبب ايقاف المشروعات وبعض التأخير في صرف مستحقات المقاولين...

وفي ذات الوقت، احدثت تركيزاً للسيولة في الخزينة – من خلال تعظيم حجم ودور صندوق الاستثمارات العامة، والاصلاحات الضريبية، واصدارات الصكوك، ومتحصلات الحملة على الفساد وطرح ارامكو المنتظر...


واذا لم ننجح سريعاً في نقل تركيز السيولة الى الاسواق – حيث مكانها الطبيعي وحيث يجب أن تتركز اساساً - من خلال توسيع وتنويع الاسواق؛ واعادة اتجاه حركة السيولة الى طبيعته؛ فانه لن يكون بعيداً قبل ان ننتهي الى تسرب خارج عن السيطرة يعيدنا مرة اخرى الى المربع الأول.



السبت، 10 مارس 2018

عبقرية اعادة حيوية الحكم



أود أن ابدأ بتعليق بسيط عن أَعمار الرؤساء الاميريكيين وقت تنصيبهم للرئاسة؛ وهو: أن متوسط أَعمار الرؤساء الاميريكيين عند تنصيبهم لمنصب الرئاسة هو سن الخامسة والخمسين (55 سنة).

واعتقد أن هناك جهد متعمد لابقاءه في هذا المستوى نظراً لعوامل الفتوة والنضج التي تحتاج الدولة اليهما والى اظهارهما من خلال هذا المنصب.

وأظن أن هذا كان منطبقاً علينا منذ عهد المؤسس وحتى عهد الملك فهد – عليهم رحمة الله جميعاً. فالمؤسس تولى الملك وهو في سن (56 سنة)، والملك سعود في سن (51 سنة)، والملك فيصل في سن (58 سنة)، والملك خالد في سن (62 سنة)، والملك فهد في سن (61 سنة) - وهذا يجعل متوسط سن تولي الملك هنا حتى ذلك الوقت (57 سنة).

ثم بدأ هذا النمط في الخروج عن المسار مع تولي الملك عبدالله في سن (81 سنة)، ثم الملك سلمان في سن (80 سنة). لقد أدى ذلك الى رفع متوسط سن تولى الملك بشكل متطرف الى (63 سنة) أو تزيد قليلاً.

وأظن أن ذلك كان مقلقاً لجميع الدوائر السياسية المهتمة بشؤون واستقرار المملكة لعدد من الأسباب، أهمها:

·       أن تسلسل أبناء المؤسس واعمارهم كان يشير الى أن هذا المسار الجديد سوف يكون هو المهيمن ولفترة ليست قصيرة في المستقبل.
·       أن نظام البيعة لم يكن، بصورته التي كان عليها، قادراً على تقديم اجابات مُطَمئِنة ومريحة لتجاوز آثار هذا المسار الجديد.
·    أن استمرار هذا المسار الجديد  سوف يؤدي مع الوقت الى فارق كبير في السن بين مؤسسة الحكم ووسيط عمر الشعب (والذي كان من المتوقع وصوله الى فارق جيلين في عام 2030م)؛ وهو فارق كبير جداً قد يحد بشكل عميق من حصول تواصل فعال بين الطرفين.

طبعاً الحديث والتنظير حول هذه النقاط سهل، ولكن صدمة مشاهدته راي العين ليس بتلك السهولة! وقد تحقق ذلك غالباً بطريق المصادفة البحتة في مباراة ختام كأس خادم الحرمين الشريفين والتي أقيمت على ملعب الجوهرة بجدة في 18 مايو 2017م.

لقد كان منظر الغالبية من الجماهير الحاضرة لِلِّقاء في سن العشرينات - وهي بطبيعة الحال انعكاس لجمهور الشعب خارج الملعب. كان المنظر صادماً عن حقيقة فارق السن على ارض الواقع؛ وأنه لابد من فعل شيء عاجل حيال ذلك!

أظن أن تلك الليلة كانت فاصلة في قرار اعادة حيوية الحكم. لقد تقرر ليلتها ضرورة تصحيح صورة (الفتوة والنضج) واعادتها الى مسارها الصحيح؛ وضرورة تقليص الفاصل الزمني مع جمهور الشعب.

ليلة كان فجرها الحقيقي يوم 21 يونيو 2017م. والتقت كل أهدافها في الشخصية التي سميت يومها لمنصب ولي العهد – الامير محمد بن سلمان.