الخميس، 29 نوفمبر 2012

قيم المجتمع الأمريكي: اين نتفق واين نختلف ؟


من يلقي بنظرة على هذا الجانب سيجد أننا، ومن الناحية النظرية على الأقل، نتفق في مفهومنا على مساحة كبيرة من المحاور:

§          اننا نتفق على تقدير ضرورة التفاؤل.

§    ونتفق على تقدير مجموعة مهمة من السلوكيات الفردية، مثل: الاعتماد على الذات، وقيمة العمل لتحسين فرص الانسان في الحياة، والانضباط، والاعتدال..

§      ونتفق على تقدير مجموعة من السلوكيات التي تعبر عن احترامنا المتبادل تجاه بعضنا البعض، مثل: الصدق، والامانة، والعدالة، والنزاهة، والتواضع، واللطف، والتراحم، والاحسان..

§     ونتفق على تقدير قيمة الايمان بشيء أكبر من أنفسنا - الايمان بان يحب الانسان لاخيه ما يحبه لنفسه.
أما النقطة التي يختلف فيها مفهومنا اختلافا جوهريا حولها، فهي: تشريع التهذيب واداب السلوك. ففي حين تشجع قيمنا ضرورة تدخل السلطة لتشريع التهذيب واداب السلوك، فان الدستور هناك يقف حائلا دون ذلك، ويصر على أن يترك للناس أن تدفع بعضها ببعض؛ ولا تتدخل السلطة الا لمنع جور السلوكيات التي تعتدي على حقوق الآخرين ولكن ليس لفرض سلوكيات محددة.

الأحد، 25 نوفمبر 2012

ماذا يحدث أثناء الكتابة ؟


موضوع جميل أثاره الكاتب نجيب الزامل في صحيفة عرب نيوز، وأحببت أن أشارك بالتعليق التالي على الموضوع:

أظن أن الكتابة لها ثلاث عناصر رئيسة، هي: القدرة على بناء صورة ذهنية للموضوع، وحصيلة المفردات اللغوية، والدقة وقوة الملاحظة.

ولا شك أن أصعب عنصر منها هو القدرة على بناء الصورة الذهنية للموضوع، وذلك لما يقتضيه ذلك من ضرورة التحكم بدرجة معقولة على صندوق الذاكرة وعلى المخيلة. حيث يحتاج الكاتب الى التقاط القطع المناسبة من صندوق الذاكرة ليبني منها الصورة الذهنية التي يريد، ويثبتها في خياله، ثم ينقل عنها في كتابته. انها عملية أشبه ما تكون بتركيب قطع لعبة الصور المجزأة (الجيكسوبزل).

وقد فهم واضعوا اللغة الانجليزية هذه الجزئية بشكل دقيق، ولذلك فان حصص الكتابة عندهم – التعبير عندنا – تتركز بشكل كبير على اعطاء الطالب صورة لمشهد ما ويطلب منه وصف ما يراه كتابة، ويتم تقييمه على مدى دقة وصفه للمشهد الذي يراه. انها أفضل تدريب لتحضيره على القدرة لاحقا ان يوجه عينيه الى الداخل لينقل عن صفحة خياله الصورة التي تشكلت فيها.

ولا شك، أنه كلما زادت سعة حصيلة المفردات اللغوية ودقة الملاحظة، فان الكاتب سيكون أكثر قدرة على التعبير عما يراه سواء ببصره أو ببصيرته.  

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

هل يكفي أن يكون دمنا خفيف ؟



ما هي فائدة العواطف ؟

العواطف هي المحرك الأول الذي يدفعنا للتدخل لحل المشكلات في حياتنا. وفيها عاطفة خاصة هي التي تنبه الجهاز العاطفي على ضرورة التدخل في حالة ما: انها المفاجأة. فعندما يتعرض الانسان لمفاجأة ما، فانها تولد عنده رغبة تلقائية ملحة لمعرفة سر هذه المفاجأة.

ولكن ما علاقة هذه المقدمة بموضوعنا ؟

لابد أنك لاحظت انتشار التعليقات الساخرة والنكتة اللاذعة احيانا في المواقع الاجتماعية، والتي تحاول تسليط الضوء على المفارقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والحياتية بشكل عام، في محاولة للفت الانتباه اليها وطلب علاجها. ان ما تقوم به هذه التعليقات الساخرة والنكتة اللاذعة هو احداث مفاجأة في زاوية رؤية الموضوع حتى تحدث حالة الاهتمام العاطفي به.

ولكن العاطفة سرعان ما تخبو؛ واذا لم يتمكن التأثير العاطفي السريع أن يشعل جذوة الفضول عند المسئول عن علاج الموضوع في تلك الومضة فكل ما سنحصل عليه هو أن نكون: "دمنا خفيف"  و"ابن نكتة" !

ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك ؟

أكثر الطرق مباشرة للحصول على استثارة فورية للفضول اذا أدرك الانسان وجود:

§        فجوة بين تصوراته والتصورات الصحيحة للموضوع، أو
§        اذا سقط في خطأ نتيجة تصوراته.
ولذلك فان أصعب المعوقات: حين لا يسمح المسئول عن حل الموضوع أن يرى رأيا مخالفا لرأيه، أو كان لديه الحرية على تجيير مسئولية أخطاءه الى آخرين.

حقيقة، يبدوا أن الناس قد مارست مسئوليتها من خلال المواقع الاجتماعية في احداث الاهتمام العاطفي بالموضوعات التي تعنيها؛ ويبقي على القائمين على حلها أن يكونوا قابلين لالتقاط الشعلة والوصول بها الى خط النهاية حيث يتحقق الفوز للجميع.  



الجمعة، 16 نوفمبر 2012

الدكتور دبليو ادوارد ديمنج



ربما كان الاسم غريبا بعض الشيء على القاريء العربي؛ وهو برغم كونه أمريكيا الا أن شهرته ذاعت بشكل أكبر في اليابان. وأعتبر أقوى شخصية غير يابانية أثرت في تطور الصناعة والجودة والابتكار وتطوير أداء منشآت الأعمال فيها. وبلغ من احتفاء الحكومة اليابانية بأفكاره وخبراته أن أنشأت جائزة سنوية أطلقت عليها "جائزة ديمنج" وتعتبر من أرفع الجوائز التي تتسابق المنشآت للحصول عليها.

لقد كانت الفكرة التي نادى بها د. ديمنج تتلخص في أن تطوير أي منظمة لابد أن يسبقه التخلص من تقلب أداءها. واعتبر أن هذا هو الدور الحيوي الرئيس للادارة. وأن الوسيلة الأنجع لتحقيق التخلص من تقلبات الأداء هو باستخدام الأدوات الاحصائية؛ لاكتشاف مسببات انحراف الأداء ومن ثم العمل على تنحيتها.

لقد كنت ولا أزال من المهتمين بهذه المدرسة في الادارة والتي شرفت بتلقي اساسياتها وتطبيقها على يد الدكتور مصطفى رضا، وهو أحد الحواريين – ان جاز التشبيه – لدكتور ديمنج ولمدرسته في الادارة.



الخميس، 8 نوفمبر 2012

اختيار الفرصة


 أثار الكاتب نسيم طالب في كتابه "البجعة السوداء": إن الفرص من حيث تأثير الحوادث عليها تنقسم إلى ايجابي أو سلبي.
ولتقريب الصورة فقط، مثلا، مجال التمثيل يعتبر تأثير الحوادث عليه ايجابيا، حيث أن بداية الممثل ككومبارس يكفيه حادثة واحدة من دور ناجح واحد للانتقال به إلى النجومية.
وعلى الطرف الآخر، هناك مقدم خدمات التأمين مثلا، فهو ناجح طالما بقي الحال على ما هو عليه، ولكن يكفيه حادثة واحدة يتعرض لها المؤمنون لديه للانتقال به إلى الإفلاس.
وخلاصة القول، في المرة القادمة عندما تختار الفرصة التي تريد متابعتها تأكد أن حوادثها من ذات الأثر الايجابي.

سوروس ونموذج توقع المستقبل


يذهب جورج سوروس في كتابه "ازمة الراسمالية العالمية"، الى القول:
"استطيع ان ادعي ان اراء المشاركين دائما ما تجافي الواقع ولكني لا استطيع ان اثبت ذلك، لاننا لا نعلم ما سيكون عليه الواقع في غياب اراءنا. استطيع ان انتظر الاحداث لتتكشف وتظهر مجافاتها للتوقعات، ولكن، وكما اشرت، الاحداث اللاحقة لا تخدم ان تكون متغيرا مستقلا لتقرير ما كانت لتكون عليه التوقعات الصحيحة، حيث لو اختلفت التوقعات ربما ادى ذلك الى مسار اخر للاحداث". انتهى.
ان ما يذهب اليه سوروس هنا باختصار، انه لا يمكن معرفة ما كان يمكن ان تكون عليه التوقعات الصحيحة لاي حدث؛ كما انه يقتضي عدم الامكانية المطلقة لتوقع حدث ما.
وعلى ذلك كان الحل عنده هو توقع احداث المستقبل واستخدام هذه النقطة في المستقبل للوقوف عليها والاطلال منها على تطور الاحداث المتقدمة نحو المستقبل، وملاحظة النقاط التي يفترق عندها مسار تقدم الاحداث عن مسار التوقعات واتخاذ تلك النقاط محطات لتعديل التوقعات.
المأخذ على علاج سوروس هنا أنه يبقي المستقبل سجين فكرة ان المستقبل هو امتداد للماضي. وفي هذا تضييق بين على قدرة الخيال على صناعة واقع جديد- نظرية النسبية كمثال.
وهذا بدوره يقترح اسلوبا مختلفا في معالجة هذا المجهول. فلا يبدوا أنه يجدي مع هذا المجهول شيئا محاولة توقعه. ما يجب ان نشتغل به فعلا هو ان نفكر و نختار المستقبل الذي نطمح ان يكون، ثم ندفع بقالب التوقعات الى قلب الاحداث لتنحت عنه زوائده التي تتجافى مع الواقع.

الخميس، 1 نوفمبر 2012

الصبر وريادة الاعمال


أظن أن هناك خلط بين نوعين من الصبر : الصبر على قضاء الله، والصبر الذي هو مفتاح الفرج - كما تصفه المقولة الشعبية المعروفة. ولا أظن أنه يمكن لي أن أضيف جديدا الى فهم القارئ فيما يتعلق بالنوع الاول. فما كتب سابقاً حوله يكفي لبيانه وبيان أهميته. وانما ما اردت تسليط الضوء عليه هنا هو النوع الثاني من الصبر.
وأول الاختلافات بين هذين الصبرين هو أن الأخير يعد سبباً من الأسباب التي يجب أن يجمعها الفرد الى أسبابه عند القيام بأي أمر، وليس مجرد حال كما هو الوضع مع النوع الأول. فالغالب، في بدايات الأعمال الريادية أن لا يتحقق لها الا مصادر محدودة جداً من الموارد، وغالبا ما يشكل ذلك أحد أهم تحديات هذه الأعمال. وهنا تبرز أهمية الصبر من النوع الثاني. ذلك الصبر الذي يستعين به الفرد لتغطية أي نقص في موارده. الصبر على معالجة كل المواقف والمهام الضرورية والتي تقصر عن تلبيتها الموارد المتاحة. انه أشبه بورقة الجوكر، تقوم بديلا لتغطية أي نقص في تسلسل ألأوراق فتَجبُر نقصها.