السبت، 30 يناير 2016

ما هي درجة أمان قطاع التطوير العقاري ؟



من ألطف التعاريف لقطاع التطوير العقاري أنه القطاع الذي يستثمر في: "تحويل مساحة أرض الى فضاءات يمكن الاستفادة منها". وأبرز الاستخدامات المعروفة لتلك الفضاءات هي: الأغراض السكنية والمكاتب و المراكز التجارية؛ وترتيبها السابق هو بحسب قدرتها على توليد إيرادات من كل متر مربع؛ حيث الأدنى هو الاستخدامات السكنية، والاعلى هو لصالح المراكز التجارية.

بعض المطورين توسعوا في بعض مفردات التعريف بحيث استطاعو ضم أنشطة أخرى الى سلة منتجاتهم. مثلاً، بتوسيع مفهوم المساحة استطاع بعض المطورين إضافة مساحات إعلانات الطرق ضمن أعمالهم. أو توسيع مفهوم الفضاءات لتضم بعض التطبيقات الخاصة المأهولة بكثافة بشرية، مثل: الفنادق، المستشفيات، المدارس والسجون؛ وكذلك بعض التطبيقات المختلطة مثل: المناطق الصناعية، المستودعات ومواقف السيارات.

صحيح أن القطاع العقاري بشكل عام من القطاعات التي يلجأ اليها المستثمرون في الأوقات المضطربة اقتصادياً، ولكن هذا لا يجب أن يلفتنا عن حقيقة أن مخاطر شديدة، وأحياناً غير تقليدية، تؤثر على قطاع التطوير العقاري.

من الأمثلة عن المخاطر الغير تقليدية التي من الممكن أن تعترض مشروعات التطوير العقاري في مراحل متعددة:

§   تصور وانت تتابع نشرتك الإخبارية المفضلة أن تجد لسوء الطالع أن احدى الجهات الإرهابية اختارت موقع مشروعك مسرحاً لاحدى عملياتها. أو أن كارثة من الكوارث الطبيعية قد وقعت في نطاق مشروعك.
§   تصور أن تستيقظ يوماً لتعلم أن أحد كبار المستأجرين في مشروعك ذو علاقة بأحد المطلوبين الأمنيين وأصبحت ملزماَ بانهاء عقده بشكل فوري.
§   تصور وانت تتابع وسائل التواصل الأجتماعي لتجد حملة واسعة الأنتشار تنتقد اهمال مشروعاتك الأخذ بالاعتبار احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة في مرافقها ومنشآتها.
§   تصور تطور الاشتراطات البيئية ذات الفاتورة الباهظة الملزم بتنفيذها في نطاق مشروعك .

هذه بخلاف المخاطر الملحة التي تفرضها أوضاع خاصة مثل الوضع الأقتصادي الغير مواتي والذي قد يتسبب في زيادة مخاطر انخفاض نسب الاشغال والتحصيل، أو مخاطر مستجدات تنظيمات القطاع وإدخال بعض الرسوم الجديدة التي قد ترفع التكلفة. هذا بالأضافة الى المخاطر التقليدية لهذا القطاع، مثل: المنافسة، والمشاكل التأمينية فيه، ونسب الاشغال والتحصيل، وعدم سهولة الخروج الفوري من استثماراته وغيرها..


الخلاصة، ليس هناك قطاع آمن الا بقدر تعريفك لمعنى آمن.



الجمعة، 22 يناير 2016

أسعار النفط المتدهورة ..الانتظار حتى اشعار اخر من الكونجرس



تقاذفت أسعار البترول ثلاث دوائر – بداية من نهاية العام 1996م – في تأثير أشبه ما يكون بتأثير القوة الطاردة المركزية.

بدأتها عودة الصادرات العراقية الى الأسواق، بداية من ديسمبر 1996م؛ وتبعتها الأزمة المالية الآسيوية منتصف العام 1997م؛ وكانت القشة التي قضت على ما تبقى اجتماع أوبك في نوفمبر 1997م والذي تقرر فيه زيادة سقف انتاج المنظمة بنسبة 10%.

أدخلت هذه الأحداث أسعار النفط في دوامة هابطة جرت أسعار النفط نزولاً الى 9.69 دولاراً للبرميل في ديسمبر 1998م.

وبعيداً عن كل الألعاب الأكروباتية التي حاولت القيام بها منظمة الأوبك وغيرها، فان العامل الحاسم في إيقاف تلك الأزمة حصل عندما بدأ تنفيذ قرار الكونجرس الأمريكي بشراء 28 مليون برميل من الأسواق، والذي أسهم في تجفيف فوائض الأسواق، وتعويض ما تم سحبه من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، وتحسين متوسط كلفة الاحتياطي الذي تم شراءه في أوقات سابقة بسعر متوسط قدره 33 دولاراً واستبدال جزء منه بسعر متوسط خلال فترة تنفيذ القرار وقتها قدره 15 دولار.

الشاهد، اننا لسنا بحاجة لاضاعة الكثير من الوقت في مشاهدة مسرح الاكروبات الممل مرة أخرى.

لابد أن يقتنع الكونجرس الأمريكي أن الأسعار الحالية وصلت الى مستويات مقنعة لقيادة عمليات شراء جديدة لتحقيق صفقة صحية جيدة لحالة المخزون الأستراتيجي للخروج من هذه الدوامة الهابطة قبل أن نشهد أي تحسن في أسعار النفط الحالية.

وحتى نصل لتلك النقطة فانه لن يفيد سوى المحاولات الجادة لاقناع وتحفيز الكونجرس بأن الوقت مناسب لهذه الخطوة.



الخميس، 14 يناير 2016

إفّيْه قال لي يا بابا !




شدة الموجة الصوتية هي الطاقة التي تحملها الموجة في الثانية. الشدة العادية عند حوالي 60 ديسيبل؛ وابتداء من 90 ديسيبل فصاعداً، تبدأ الموجة الصوتية في احداث تأثيرات هدمية، ولكنها ليست سلبية بالضرورة؛ قد تكون سلبية كما هي الحال في إصابة الاذن بالضرر؛ ولكنها قد تكون إيجابية ايضاً، مثلما هي الحال في تطبيقات تفتيت الحصى الطبية.

الشاهد، أن الطاقة التي يتم بثها في الموجة الصوتية هي ما يحدث الأثر وليس الصوت ذاته.

بوجه آخر، تمثل (الافيهات) مثالاً صارخاً للكلمات التي قد تكون كلمات واصوات عادية ولكنها من عينة الموجات الصوتية المشحونة بطاقة عالية قادرة على احداث اثار بليغة.

ربما لم نعتد على مثل هذه (الافيهات) وآثارها محلياً، ولكن (إفّيْه) مثل (قال لي يا بابا) الذي تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً، لا يقل في شدته عن إفّيْه (الضباب) الذي انتشر أوائل السبعينات في دولة عربية مجاورة.




الأربعاء، 6 يناير 2016

وزارة المالية..



   لو اعتبرنا ان مدة الأربع سنوات هي مدة دورة كاملة في العمل السياسي؛ فانه يمكننا ان نقسم وزراء المالية السعودية الى مجموعتين؛ الذين اكملوا دورة كاملة او اكثر، وهم: عبد الله السليمان، محمد سرور الصبان، مساعد بن عبد الرحمن، محمد أبا الخيل و إبراهيم العساف (مع حفظ الألقاب للجميع).

السبعة الاخرين تعاقبوا في فترات مضطربة. خمسة منهم تعاقبوا في الفترة بين 1957 – 1961م، حين كانت المملكة تمر بـ مصاعب نقدية انهكت الخزينة. اما الاثنان الباقون، فقد تعاقبوا خلال العام 1996م، وهي الفترة التي أعقبت حرب الخليج الثانية (انتهت الحرب في فبراير 1991م ولكن الاعتراف العراقي النهائي بالحدود الدولية لدولة الكويت لم يحصل حتى 10 نوفمبر 1994م) - في تلك الفترة كانت المملكة تعمل على تغيير ذهنيتها لمرشح المنصب من وزير مالية لحالة حرب الى وزير مالية لمرحلة تنمية.
ومن باب الحديث العام عن وزارة المالية، فان أقل فترة وزارية للمالية كانت من نصيب الأمير محمد بن سعود (ستة أيام)؛ وأطول فترة وزارية للمالية كانت من نصيب الشيخ عبدالله السليمان (22 عاماً). وأطول فترة من الاستقرار والاستمرارية هي  الفترة بين 1961 – 1996م والتي تتابع فيها الأمير مساعد بن عبد الرحمن ومن بعده الشيخ محمد أبا الخيل (حوالي 35 عاماً).
معالي الوزير العساف قاد هذه المؤسسة العريقة في أوقات صعبة للغاية. الأزمة المالية الآسيوية وتداعياتها (1997م)، والأزمة المالية العالمية (2008م)؛ ورغم ذلك، تمكن من جعل المكانة المالية للمملكة تستمر قادرة على المنافسة على مقعد هام في مجموعة العشرين.
ولولا الانهيار الكارثي لسوق المال السعودي في فترة وزارته، وتسبُب الانهيار في الغرم والعجز لنطاق عريض جداً من الأفراد وصغار المستثمرين؛ ومحاولة السيطرة على التضخم من خلال لجم طرح المشروعات؛ أظن أننا كنا سنشهد طفرة حقيقية وأكثر قوة خلال فترة وزارته.
على المستوى العام، الفترة القادمة ستجتمع فيها كل التحديات التي اثارت اضطراب هذا المنصب من قبل: تحديات على مستوى ملاءة الخزينة ومتانتها؛ وتحديات تنموية مستقبلية. أرجو أن يثير ذلك الأنتباه الى أهمية التأكد من وجود خطة خلافة واضحة للمنصب. خاصة وأن تحديات ملاءة الخزينة ومتانتها أثبتت سابقاً عمقها وامتداد اثرها على استقرار هذا المنصب على فترات طويلة نسبياً.
أما على مستوى الثرثرة الاجتماعية، فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيستطيع الدكتور العساف أن يسحب لقب وزير المالية صاحب الدورة الوزارية الأطول من الشيخ عبدالله السليمان ؟ (بقي له ثلاث سنوات تقريباً لتحقيق ذلك). منافسة يستحقها، ونتيجة نتابعها.




الجمعة، 1 يناير 2016

قطاع الاستقدام.. العامل الحرج في نجاحه




بعيداً عن التفاصيل التي لا تحتملها هذه الورقة، فان ابرز التحديات التشغيلية لهذا القطاع هي:

§      بناء قاعدة البيانات من طالبي العمل ومُوظِفيه على تنوع مجالاتهم.

§      ويستدعي ذلك الحلول الالكترونية التي تمكن من حفظ وسرد وتقديم المعلومات بطريقة سريعة ودقيقة لخدمة العملاء والوفاء بالتزامات ومتابعات الجهات المنظمة وذات العلاقة.

§      حجم العمليات المعقد.

§      كون هذا القطاع تسيطر عليه التكلفة الثابتة.

بالنسبة للتحدي الأول، فان بعض الشركات قد اتخذت خيارها بالتعاون مع شركات رائدة على هرم الشركات المقدمة لهذه الخدمات على مستوى العالم، وهو خيار موفق بالتأكيد، وبالتالي فقد تم التعامل مع هذا التحدي بما يحتاجه.

وبالنسبة للتحدي الثاني، فيوجد محلياً تمثيل قوي لشركات عالمية في مجال الحلول الالكترونية، وأعتقد أن شركات الاستقدام ستكون قادرة على السيطرة على تحدياتها في هذه المنطقة.

يبقى حجم العمليات، وهو ربما كان معقداً نوعاً ما لحجم تفاصيلها ولتعلقها بجانب بشري يظل عدم القدرة على توقع سلوكه احد التحديات المهمة فيه. ولكن تظل العمليات التشغيلية وظيفية في طبيعتها والسيطرة عليها ممكنة في ظل وجود الموارد المناسبة لها.

يبقى التحدي الأخير والذي ربما يحتاج الى جوانب خلاقة عالية، وهو التعامل مع معضلة سيطرة التكاليف الثابتة على هذا القطاع؛ خاصة في ظل فرض المنظم راس مال قدره 100 مليون ريال لممارسة النشاط الكامل. وبالتالي فنحن نتحدث عن ضرورة تحقيق ما لا يقل عن 700 مليون ريال إيرادات سنوية لتجاري اقل أداء في الصناعة.

مستهدفات المبيعات من الممكن أن تتحمل بعض المرونة في بعض القطاعات، ولكنها بدون شك شرسة جداً وصلدة في القطاعات التي تسيطر عليها التكاليف الثابتة. ولذلك فوجود إدارة تخطيط، ومتابعة أداء فعالة، تعتبر حيوية جداً؛ بحيث تستطيع متابعة تقدم الأداء بحسب خطط الاعمال المتفق عليها، ولديها القدرة والمهارة على تقديم المساندة والحلول لأي منطقة تتعثر في تقدمها بمجرد ظهور عوارضه وقبل ان يتحول الى اتجاه يخل بالنتائج.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان إدارة التخطيط صمام امان كذلك للتأكد من تحقيق واستدامة الجدوى الاقتصادية للشركة والاسهام بشكل فعال في ظروف تهيئتها الملائمة لاشتراطات الطرح العام.