السبت، 17 ديسمبر 2016

مبادرة الغاز والسيد علي النعيمي



لم يتمكن السيد علي النعيمي ان يغفر للخارجية الالتفاف حول صلاحيات وزارة البترول، في مبادرة منها لاحياء العلاقات السعودية الامريكية بالسبب الذي نشأت عليه العلاقة أساساً يوماً ما - النفط. وكانت مبادرة الغاز فرصة لسحق اي تدخلات من أي طرف  حاضراً ومستقبلاً.

لقد حرص فعلياً بعد فشل مبادرة الغاز ان يحصل على قرار سيادي يقضي بأن تكون وزارة البترول وارامكو هما القنوات الرسمية الوحيدة المخولة بالتفاوض لتطوير الثروات الهيدروكربونية للمملكة.

ما هو حجم مسئوليته عن النتيجة النهائية لمبادرة الغاز؟ لقد سجل بنفسه في مذكراته انه حصل على تفويض مفتوح بقيادة المبادرة هو وكبار التنفيذيين في ارامكو في مراحلها المتقدمة على مبدأ (اعط العيش لخبازه).

هل كانت النتيجة النهائية جيدة؟ شخصياً لا أعتقد ذلك.

كانت للسيد النعيمي ملاحظات جديرة على المبادرة بدون شك، مثل:

§        ضرورة حصر الاتفاقية في التنقيب عن الغاز، وتحديداً في المناطق الغير معروفة مسبقاً لأرامكو.
§        ضرورة ربط الاتفاقيات بتنفيذ اسثمارات في مشروعات البنية التحتية الحيوية للمملكة.
§        ضرورة الحصول على شروط منافسة.
§        ضرورة مراعاة طرح الفرص التي لا تمس الافصاحات السرية الحرجة الخاصة بوزارة البترول وارامكو.
§   ضرورة أن يكون الفريق المفاوض بقيادة وزارة البترول وارامكو (كان هناك تخوف حقيقي من اغفال فريق التفاوض الأولي بقيادة الخارجية، وعدم قدرته على فهم وافر للتفاصيل الفنية وما قد يترتب على ذلك من أثار مالية سلبية عميقة على الاتفاقيات).

ورغم أنه استطاع بمساعدة الفريق المكلف علاج هذه النقاط عبر مسار المفاوضات، الا أن ايقاظ شبح إمكانية سيطرة الشركات الأجنبية على موارد البلاد ومستقبلها أفسد على المفاوضين من الجانب السعودي قدرتهم على الابداع في مفاوضات وصياغة الاتفاقيات النهائية لتجاوز فرق الست نقاط مئوية التي كانت الفارق الأخير بين ما كنا قابلين لتقديمه كعائد مستقر لاستثمارات الشريك الأجنبي وبين ما كانوا يطالبون به.

الغريب أن بعث هذا التخوف لا يدعمه واقع التجربة السعودية.

يوماً ما كنا في موقف أكثر صعوبة، وقبلنا بشروط أكثر قسوة، ولكن بُعد نظر القيادة وصبرها وثقتها ودعمها للمفاوض عن الجانب السعودي استطاع أن يهيء لها أن تستحوذ على ملكية مواردها وانتاجها بشكل كامل وبأمان لافت؛ وبعيداً عن ذهنية المؤامرة وسيطرة الشركات الأجنبية على موارد البلاد ومستقبلها! 

أخيراً، لا يمكن أن نغلق هذا الحوار بدون الإجابة عن السؤال الأخير الذي ختم به السيد النعيمي فصله عن الفترة بين 1998-2003. أما الإجابة فهي: الأكيد أنك كسبت المعركة فعلاً، ولكننا خسرنا الحرب.


أما آخراً، فان الفائدة العظمى التي يجب أن نخرج بها من هذه التجربة فهي: أن تجويع وحش كاسر لمدة خمس سنوات طوال ثم اطلاقه خالي اليدين ليس فكرة جيدة! ما لم يذكره السيد النعيمي في مذكراته، أن آمال مبادرة الغاز تبخرت في ربيع 2003، وأن حرب العراق بدأت في ربيع 2003.