الخميس، 12 أكتوبر 2017

تحولات أسواق النفط: فرص غير تقليدية في اطراف غير لامعة في المنظومة النفطية



الدرس الأول الذي يجب أن نتعلمه من تحولات أسواق النفط هو، أنه حتى في أكثر الصناعات تقليدية مثل صناعة استخراج النفط؛ فان التقدم التكنولوجي عامل حاسم ومن الممكن أن يقلب الاسواق راساً على عقب - النفط الصخري مثالاً.

الدرس المهم الثاني، أن التحولات المؤثرة في اسواق النفط قد تخلق فرصاً غير تقليدية في اطراف غير لامعة في المنظومة النفطية - الخزن الاستراتيجي مثلاً.

حدث ذلك للولايات المتحدة الامريكية مؤخراً بعد ارتفاع الانتاج المحلي للنفط بفضل النفط الصخري، وهو ما ساهم بشكل كبير في خفض حجم وارداتها النفطية، وبالتالي ما تبعه من انخفاض في التزاماتها المفروضة من جهة وكالة الطاقة الدولية الملزمة للدول الأعضاء بالاحتفاظ بما يعادل مخزون 90 يوماً من صافي وارداتها من المنتجات النفطية كخزن استراتيجي.

ما سبق، أتاح للادارة الامريكية والكونجرس فعلياً مراجعة الخزن الاستراتيجي واعتماد تخفيض مستوياته بما مقداره 270 مليون برميل تقريباً على مدى العشرة اعوام القادمة (2018م-2027م) واعادة توجيه توظيف ايراداتها لاستخدامات تخفيض الدين العام؛ بالاضافة الى 190 مليون برميل على مدى الفترة بين 2018م-2025م لتمويل مشروعات معتمدة في ميزانيات السنوات المقابلة.

الشاهد الذي يخصنا هنا، أن المملكة أيضاً تمر بتحول مؤثر مؤخراً - وان كان على صعيد آخر - بشأن المخزون النفطي على ظهر الأرض. فقد قررت المملكة خفض التصدير لشهر نوفمبر، وهو ما قد يسمح في حال تقرر استمراره لفترات تالية، ببناء هامش مخزون استراتيجي يسمح بدور قادر على موضعتنا بشكل أفضل في اطار مستقبل النفط

واذا استطعنا استخدام خفض التصدير في بناء مخزون استراتيجي في مناطق الطلب، يتزامن مع الانتعاش العالمي القادم، فربما كانت واحدة من المرات التاريخية التي نكسر فيها عقدة عدم امكانية الجمع بين توسع الحصة السوقية والمحافظة على الاسعار الجيدة.

الانفوجرافيك التالي يصور المراجعة المقترحة:





الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

الرجل الذي اعاد بناء ذاكرة الأمن العام



الرجل الذي اعاد بناء ذاكرة  الأمن العام
اللواء فيصل بن محمد بن فوزان الحارثي (يرحمه الله)

كان العام 1402ه عندما استشعر اللواء فيصل بن محمد بن فوزان الحارثي (أو الحارث كما صححه بنفسه مضيفا أن الياء الزائدة كتبت في المدارس) أن تاريخ الأمن العام عن الفترة من بدايته عام 1343ه وحتى 1375ه لم تحظ بتوثيق رسمي، وأن رجالها الذين عاصروها يغيبون من المشهد في هدوء وصمت؛ ولن يكون بعيداً قبل أن تغيب حقبة من تاريخ مؤسسة عريقة وبشكل لا يمكن استرجاعه.

الى هنا ويبدوا كل شيء عادي. ما لم يكن عادياً هو ما قام به لاستدراك ذلك!

لقد اسس لما عرف بعد ذلك بـ (التاريخ الشفهي للأمن العام). وهو مشروع ضخم، أشبه ما يكون بما يعرف اليوم بـ (التاريخ الشفهي لقدامى المحاربين) الذي اطلقته مكتبة الكونجرس في العام 2000 ميلادية.

واستطاع فيه أن يجمع ويوثق ويحقق شهادات قدامى رجالات الأمن العام الذين عاصروا تلك الحقبة سواء من خلال الاستماع لشهاداتهم الفردية او الندوات التي جمعت العديد منهم لمطابقة الأسماء والأحداث والتواريخ؛ هذا بالاضافة الى ما تم جمعه من صور وتعليقات مباشرة منهم على مناسباتها واسماء الظهور فيها؛ اضافة الى اصدارات الصحف والوثائق التي احتفظ بها بعضهم وتؤرخ لأحداث تلك الحقبة.

هذا العمل الضخم استمر العمل فيه قرابة الخمسة أعوام، وقد ظهر أولاً في اصدار لمركز المعلومات بشرطة منطقة مكة المكرمة؛ ثم في كتاب لمؤلفه باسم (نشأة الأمن العام في المملكة العربية السعودية وتأسيس وزارة الداخلية من 1343ه الى 1410ه).


كتاب مهم كمرجع تاريخي يوثق لمسيرة الأمن العام في المملكة؛ وشاهد على عمل أصيل ومبدع لاعادة بناء ذاكرة الأمن العام.