السبت، 28 ديسمبر 2019

حادثة وثلاث رسائل



خلال الاعوام ٢٠١٥م - ٢٠١٩م، احتد الخلاف بين الولايات المتحدة و المملكة حول ثلاث قضايا رئيسية: اليمن، وقطر والتخلص المدبر من جثمان الصحفي جمال خاشقجي..

وتفاقم الخلاف بين الطرفين بعد حادثة الاعتداء على مرافق ارامكو في ١٤ سبتمبر ٢٠١٩م..

فبالرغم من محاولة المملكة حث الولايات المتحدة على عدم ترك فراغ منها في المنطقة (باظهار الرغبة الحثيثة للاعبين دوليين لدور في المنطقة والذي ظهر جلياً من زيارة الرئيس بوتين في اكتوبر ٢٠١٩م) الا أن ذلك لم يحرك ساكناً لدى الولايات المتحدة، وبدا انها تركتها لتتدبر اختياراتها لمواجهة الموقف وحيدة - بالرغم من اشتراك تصوراتهما حول الجهة المدبرة للحادثة..

 ويبدوا أن المملكة اختارت ثلاث رسائل للتعبير عن توجهاتها:

§   اطلاق يد العمل الديبلوماسي لاطفاء ملفات اليمن، والقطيعة مع قطر وقضية جمال خاشقجي.
§  تحريك القلق بالاضطرار لانتقال بين خيارات بدلاء للشراكة.
§    تأكيد رفض الاتجاه الاسلامي الثوري المتشدد، من خلال التوغل في تغيير مظاهر اسلوب الحياة.

وهي مجموعة رسائل، في محصلتها:

§   الرغبة في ردم التباعد مع الولايات المتحدة في القضايا المختلف عليها.
§   تضخيم صورة اللاعبين الدوليين على دكة البدلاء لحث الولايات المتحدة على عدم ترك فراغ منها في المنطقة.
§  تأكيد ضرورة القيام بعمل فاعل، باليد او (بالقلب) - وهو اضعف الايمان - تجاه الاسلام الثوري المتشدد.








الاثنين، 11 نوفمبر 2019

مقابلات روزفلت في البحيرات المرة - الاختيار لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية



خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية مفلسة. وكان ملحاً عليها أن تقوم بخطوتين مهمتين بشكل عاجل:

§  لملمة أطرافها المنتشرة في كل أنحاء المعمورة، وانهاء تواجدها في العديد منها؛ وأهم ما يعنينا من تلك الخطوة هما مصر وفلسطين. 
§  النجاح في اقناع أحد الحلفاء باقراضها بما يكفي وبشروط مفضلة تمكنها من الخروج من حالة الافلاس التي تمر بها.

وقد كان مقدراً أن تتقدم الولايات المتحدة للقيام بمهمة الانقاذ تلك بِقَدَم، والحلول في المناطق التي سينسحب منها الانجليز بالقَدَمِ الأخرى.

ولذلك، استحسن روزفلت القاء نظرة على التركة الانجليزية التي سيرثها في منطقة الشرق الأوسط على طريق عودته من اجتماع مالطا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ خاصة وانها فرصة سانحة للقاء شخصية أعجب بها كثيراً عند لقائها وهو الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية والتي تغطي رمالها ما كشفت الأيام لاحقاً أنه أكبر شراكة أميريكية خارج الولايات المتحدة.

لقد رسمت اهتمامات روزفلت من تلك الرحلة جدول اللقاءات التي قام بها على ظهر الطراد يو اس اس كوينسي، التي رست وسط البحيرات المرة على مجرى قناة السويس ذات يوم من شهر فبراير 1945م.

لقد التقى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود. ثم التقى الملك فاروق ملك مصر. والتقى بعدها رئيس جمهورية تركيا عصمت اينونو.

كان الرابح الأكبر من تلك اللقاءات هو جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، والذي اضافة الى الاعجاب الظاهر الذي حظي به من روزفلت، فقد حصل على ما عرف لاحقاً بـ اتفاق كوينسي.

ثاني أنجح اللقاءات كان من نصيب الرئيس عصمت اينونو، فقد اطمأن روزفلت الى تأكيدات تركيا خلعها لكل اهتمام يربطها ببقايا السلطنة والخلافة؛ ولا شك أن ذلك منحه شعوراً بدرجة مهمة من الراحة تجاه مستقبل انسحاب الانتداب البريطاني من فلسطين ونتائجه.

وكانت أسوأ النتائج من نصيب اللقاء بالملك فاروق.

فعلى المستوى الشخصي، لم يعجب روزفلت بالملك فاروق منذ بداية لقائهما، فقد كتب في يومياته قائلاً: "لا أعرف لماذا كان ملك مصر يرتدي زي أميرال أسطول بحري وهو لا يملك في البحر غير يخت للنزهة. ان فاروق يذكرني بجيل من امراء اوروبا اللذين أغرقهم الترف حتى ذابت عندهم ارادة الفعل وأخذتهم المظاهر حتى ضيعت منهم جوهر الشخصية".

وعلى عكس الرئيس عصمت اينونو الذي حافظ على حياد تركيا التام في غالبية فترة الحرب العالمية الثانية، وقاد انضمامها الى صفوف الحلفاء في الأيام الأخيرة من الحرب؛ ظهرت فلتات عديدة من الملك فاروق في سورات غضبه من السفير الانجليزي في مصر – مايلز لامبسون – كشفت عن استعداد وميل يثير الشكوك والارتياب منه بشكل متكرر نحو دول المحور.

وقد زاد التقييم سوءاً، الأطماع والثأرات التاريخية بين أسرة محمد علي والجزيرة العربية، وكذلك بين الأولى والولايات الشامية والتي تقع فلسطين في قلبها – وما يحمله الملك فاروق من ميراث لتلك الأسرة بصفته سليلها ورمزها القائم.

لقد ظهر الملك فاروق الحلقة الأضعف في سلسلة المقابلات الشخصية التي قام بها روزفلت في تلك الرحلة، وترتبت أحداث مهمة لاحقة في المستقبل أملتها تصورات روزفلت يومها لمنطقة الشرق الأوسط.





الأحد، 10 نوفمبر 2019

المقابلات الشخصية لروزفلت - الاختيار لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية





خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية مفلسة. وكان ملحاً عليها أن تقوم بخطوتين مهمتين بشكل عاجل:

§  لملمة أطرافها المنتشرة في كل أنحاء المعمورة، وانهاء تواجدها في العديد منها؛ وأهم ما يعنينا منها هما مصر وفلسطين. 
§  النجاح في اقناع أحد الحلفاء باقراضها بما يكفي وبشروط مفضلة تمكنها من الخروج من حالة الافلاس التي تمر بها.

وقد كان مقدراً أن تتقدم الولايات المتحدة للقيام بمهمة الانقاذ تلك بِقَدَم، والحلول في المناطق التي سينسحب منها الانجليز بالقَدَمِ الأخرى.

ولذلك، استحسن روزفلت القاء نظرة على التركة الانجليزية التي سيرثها في منطقة الشرق الأوسط على طريق عودته من اجتماع مالطا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ خاصة وانها فرصة سانحة للقاء شخصية أعجب بها كثيراً عند لقائها وهو الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية والتي تغطي رمالها ما كشفت الأيام لاحقاً أنه أكبر شراكة أميريكية خارج الولايات المتحدة.

لقد رسمت اهتمامات روزفلت من تلك الرحلة جدول اللقاءات التي قام بها على ظهر الطراد يو اس اس كوينسي، التي رست وسط البحيرات المرة على مجرى قناة السويس ذات يوم من شهر فبراير 1945م.

لقد التقى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود. ثم التقى الملك فاروق ملك مصر. والتقى بعدها رئيس جمهورية تركيا عصمت اينونو.

كان الرابح الأكبر من تلك اللقاءات هو جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، والذي اضافة الى الاعجاب الظاهر الذي حظي به من روزفلت، فقد حصل على ما عرف لاحقاً بـ اتفاق كوينسي.

ثاني أنجح اللقاءات كان من نصيب الرئيس عصمت اينونو، فقد اطمأن روزفلت الى تأكيدات تركيا خلعها لكل اهتمام يربطها ببقايا السلطنة والخلافة؛ ولا شك أن ذلك منحه شعوراً بدرجة مهمة من الراحة تجاه مستقبل انسحاب الانتداب البريطاني من فلسطين ونتائجه.

وكانت أسوأ النتائج من نصيب اللقاء بالملك فاروق.

فعلى المستوى الشخصي، لم يعجب روزفلت بالملك فاروق منذ بداية لقائهما، فقد كتب في يومياته قائلاً: "لا أعرف لماذا كان ملك مصر يرتدي زي أميرال أسطول بحري وهو لا يملك في البحر غير يخت للنزهة. ان فاروق يذكرني بجيل من امراء اوروبا اللذين أغرقهم الترف حتى ذابت عندهم ارادة الفعل وأخذتهم المظاهر حتى ضيعت منهم جوهر الشخصية".

وعلى عكس تركيا التي حافظت على حيادها التام في غالبية فترة الحرب العالمية الثانية، وقامت بالانضمام الى صفوف الحلفاء في الأيام الأخيرة من الحرب؛ ظهرت فلتات عديدة من الملك فاروق في سورات غضبه من السفير الانجليزي في مصر – مايلز لامبسون – كشفت عن استعداد يثير الشكوك والارتياب منه بشكل مستمر من مناصرته لدول المحور.

وقد زاد التقييم سوءاً، الأطماع والثأرات التاريخية بين أسرة محمد علي والجزيرة العربية، وكذلك بين الأولى والولايات الشامية والتي تقع فلسطين في قلبها – وما يحمله الملك فاروق من ميراث لتلك الأسرة بصفته سليلها ورمزها القائم.

لقد ظهر الملك فاروق الحلقة الأضعف في سلسلة المقابلات الشخصية التي قام بها روزفلت في تلك الرحلة، وترتبت أحداث مهمة لاحقة في المستقبل أملتها تصورات روزفلت يومها لمنطقة الشرق الأوسط.




الأحد، 20 أكتوبر 2019

مخاطر النسخ المحلية من الملكية الدستورية




لقد تسببت حاشية القصر عام ١٩٦٣م في أزمة داخلية حادة فيما عرف لاحقاً بـ (حادثة الاذاعة)، والتي ادت الى اول سابقة مواجهة عسكرية وشيكة بين الحرس الملكي والحرس الوطني..

ومنعاً لتكرار ما حدث، فقد حاولت مؤسسة الحكم تجربة صيغة قريبة جداً من فكرة الملكية الدستورية لتنظيم الصلاحيات بين الملك وولي عهده، وحصلت على موافقة خطية من الملك بذلك..

ولكن تجربة صيغة الملكية الدستورية بشكلها المحلي فشلت عندما قام الملك لاحقاً عام ١٩٦٤م بخلق ازمة دستورية جديدة بطلبه استرداد صلاحياته التنفيذية، وكسر تعهده والتزامه بالاتفاق المبرم سابقاً في هذا الصدد؛ مما دفع الوضع الى حافة صدام كارثي جديد بين المؤسسات العسكرية للدولة..

الامر الذي دعا مؤسسة الحكم للتدخل مجدداً، وتقرير فشل التجربة السابقة؛ والعودة الى النظام الملكي التقليدي الذي أرساه المؤسس؛ والاجماع على طلب تنازل الملك عن العرش - بصفته الطرف الخارج على اتفاق مؤسسة الحكم - لضمان عدم تكرار ما حدث نهائياً وبشكل بات.




السبت، 31 أغسطس 2019

حتمية (الربيع) الصيني




أعلم أن هذه المشاركة سباحة عكس التيار، ولكن أظن أن لها اعتباراتها الوجيهة:

أولاً، استمرار التحايل والتلاعب الصيني للاستفادة من مزايا ادراج (دولة نامية) في منظمة التجارة العالمية رغم وصول اقتصادها الى المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة.

ثانياً، عدم اضطلاع الصين بمستوى مسئولية يليق بحجمها كلاعب مستفيد رئيسي من الأمن والسلم والرفاهية التي تتحمل تبعات تحقيقها مجموعة الاقتصادات الكبرى حول العالم.

ورغم مطالبة الولايات المتحدة الصريحة للصين باجراءات اصلاحية في هذا الاطار منذ سبتمبر 2015م، الا ان الصين لا يبدوا انها تتعامل بجدية مع هذه المطالبات؛ ولكن مجموعة الاقتصادات الكبرى تبدوا عازمة على فرض هذه الاصلاحات ولو بشكل قسري على الصين هذه المرة.

هذا الوضع من معارضة مجموعة الاقتصادات الكبرى لقبول التعايش مع الاساليب الصينية السابقة، وممانعة القيادة الصينية للاذعان بقبول فرض ضرائب عليها لاصلاح الخلل في النظام العالمي الذي خلقته  بتصرفاتها؛ يدفع الحالة الى وضعية ثورية لا محالة.

ما هي النتيجة المحتملة لهذه الوضعية الثورية؟

يبدوا أن سيناريو انفصال فيدرالي لمراكز الاقتصاد والانتاج الصينية عن بقية البر الرئيسي للصين هو النتيجة الأكثر ترجيحاً.  





الاثنين، 12 أغسطس 2019

أين أخفقت تصورات السيدة كوندليزا رايس حول الفوضى الخلاقة





(الفوضى الخلاقة) تحاكي فكرة ما يجري في غرف الاحتراق الداخلي للمحركات.. أولاً، الضغط على الظروف الداخلية لبلد حتى تصل للغليان.. ثم نشر التوتر في شريحة شعبية حرجة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.. ثم حادثة تفجر الوضع..
وقد اثبتت التجربة أن ذلك الفعل قادر على خلق فوضى فعلاً.. ولكن فوضى فقط..
وهذا واضح جداً في سيناريوهات سوريا وليبيا واليمن..
لقد أخفقت نظرية السيدة كوندليزا رايس في تصوراتها حين أعتقدت أن الفوضى في دولة ما ذاتية التحول الى تشكيل خلَّاق..
الصحيح، أن الفوضى لا تمتلك نزعة ذاتية فيها نحو التحول الى تشكيل خلَّاق. وانما لابد من وجود جيش مستنير حامي للشعب والحياة المدنية لتحفيز ذلك. وهو ما ظهر جلياً في نجاح التجربة المصرية والجزائرية والسودانية.




الخميس، 18 يوليو 2019

قولي باي باي يا مدام!




من جرب الاتصال الدولي عبر السنترال في مصر قديماً يعرف لطافة المصريين على سجيتها. عادة يبدأ الاعداد للاتصال بمهاتفة السنترال والطلب منه الاتصال بالرقم الفلاني في الدولة الفلانية، ثم تغلق الخط وتنتظر معاودة اتصاله بك لاحقاً ليفتح لك خط الاتصال بالرقم المطلوب

ومن لحظة فتح الخط يبدأ العد التنازلي للوقت الذي طلبته لمدة الاتصال..

اللطيف في الموضوع، انه قبل نهاية المدة التي اخترتها لمدة الاتصال بلحظات، يتدخل السنترال على خط المكالمة منبهاً على اقتراب المكالمة من نهايتها لاعداد الطرفين لانهاء المكالمة بشكل لطيف بدلاً من انقطاع الاتصال بشكل مفاجيء ينزع الطمأنينة بينهما.

وشخصياً كنت طرفاً في مكالمة تلقيتها مرة من كريمتي من هناك، وقبل نهاية المكالمة تدخل السنترال بيننا وكرر عبارته اللطيفة لها: قولي باي باي يا مدام.. قولي باي باي!

 تذكرت ذلك وأنا أحاول النظر في الآثار الجانبية المحتملة للتوتر القائم بسبب التحرشات الايرانية في المنطقة.

لا شك أن تباين مواقف الولايات المتحدة وروسيا منها يلقي بعبء ثقيل على أي جهة تتعرض لضغط ادارة علاقة متشابكة، مصالحها النفطية مع طرف، ومصالحها السياسية مع الطرف الآخر..

أحد أهم الآثار الجانبية المحتملة هو تدخل السنترال في أي لحظة على خط الاتصال الذي تم طلبه والسعي له منذ 10 ديسمبر 2016م بين اوبك ودول التعاون المشترك والطلب بلطفه المعتاد: قولي باي باي يا مدام!



الأربعاء، 26 يونيو 2019

عندما فشل الجانب الفلسطيني في اثبات استقامة طلبه بعضوية كاملة في الأمم المتحدة



منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة للدولة الفلسطينية المحتلة في 2012/11/30م.
وأظن أن هذا التاريخ الأخير نقطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فلأول مرة في تاريخ الصراع بينهما تسقط منزلة العدو الإسرائيلي الى درجة متأخرة في قدرتها على التأثير على مسار تقدم الدولة الفلسطينية المحتلة نحو خيار الدولة المستقلة.
لأول مرة يصبح التحدي الأهم هو مجلس الأمن وانجاح التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضمان نظام سلطة مستدام فيها وليس العدو الاسرائيلي.
الذي يجب أن نستيقظ عليه جميعاً، أن اسرائيل لم تعد التحدي الرئيس القادم لتحقيق تقدم في مسار القضية الفلسطينية. التحدي القادم هو:
§   اقناع مجلس الأمن بطلب الدولة الفلسطينية المحتلة لعضوية كاملة في الأمم المتحدة (قدمه الرئيس محمود عباس في سبتمبر 2011م).
§   وتخفيف الضغوط الحياتية اليومية والتنموية التي يعايشها أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة للتخفيف من الاحتكاكات والصراع في المنطقة بشكل يدعم تحقيق نظرة إيجابية لدي مجلس الأمن تعزز أسباب الموافقة على الطلب الفلسطيني.
ويبدوا أن قرار الجانب الفلسطيني الاعتذار عن المشاركة في مؤتمر "السلام من أجل الازدهار" قرار شعبوي غير رشيد، ويدل على عجز عن الفطام من صورة الصراع التقليدية في متابعة القضية؛ والأمَّر أنه شهادة أمام المجتمع الدولي كافة على عدم استقامة الطلب الذي قدمه الرئيس محمود عباس في سبتمبر 2011م بطلب منح الدولة الفلسطينية المحتلة عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وعدم وعي ولا ايمان بمقتضيات ذلك الطلب.




الخميس، 20 يونيو 2019

مقابر الفانتوم - حائط الصواريخ (ناصر 70)





لقد مثلت نقطة تأميم القناة عام 1956م انتحاراً سياسياً للسيد الرئيس جمال عبد الناصر، وبالتالي فمعظم ما وصل لـ (الجيل X) جيل مواليد الفترة بين 1961-1980م، وما بعدها هو من رواسب الفترة الظلامية من سيرته التي تلتها.
ولقد مضى وقت طويل، على الأقل على المستوى الشخصي، وانا أحاول التصالح مع سيرة السيد الرئيس ولكن دون جدوى، حتى وقت قريب جداً.
ولذلك اقترح على كل من اهتزت ثقته يوما ما، أن يقرأ ويتمعن في قراءة وثائق عملية  بناء (حائط الصواريخ) في أغسطس عام 1970م. فقد كانت عملية نوعية بكل المقاييس، ونقطة تحول جذرية للقوات المصرية في تحييد القوات الجوية الإسرائيلية - باعتراف الجانب الاسرائيلي نفسه - واساس نصر اكتوبر 73.
لقد كانت عملية بناء حائط الصواريخ بقعة الضوء المضيئة في نهاية نفق مسيرة السيد الرئيس جمال عبد الناصر. واعتقد أن (الجيل X) وكل الاجيال من بعده بحاجة أن يُعرَض لها (ناصر 70) بدلاً من (ناصر 56).




الأربعاء، 5 يونيو 2019

لعل السيد ترامب يستطيع أن يلمح الغوريلا قبل فوات الأوان



ايران 1941م:
في العام 1941م، تدخلت السوفييت عسكرياً في الاراضي الايرانية، مستغلة ثغرة قانونية في معاهدة الصداقة الروسية الفارسية المبرمة عام 1921م.

أفغانستان 1979م:
في العام 1979م، أقدمت السوفييت بعملية استخباراتية على تصفية حكم حفظ الله امين بأسم اللجنة الثورية المركزية الأفغانية وتعيين حكومة موالية سمحت بالتدخل العسكري السوفيتي ممتطياً معاهدة الصداقة والتعاون الثنائية بين البلدين.

سوريا 2015م:
في العام 2015م، استخدمت روسيا طلباً من الرئيس السوري بشار الأسد لتفاجيء الولايات المتحدة والعالم بالتدخل العسكري المباغت في سوريا.

ايران 2019م:
        لعل السيد ترامب يستطيع أن يلمح الغوريلا قبل فوات الأوان.



الجمعة، 31 مايو 2019

قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.



قبل ثلاثة اسابيع من الآن كان وضع الحشود في المنطقة يحتمل اربعة سيناريوهات على الجانب الايراني:

§        مقاومة نشطة.
§        مقاومة صمود.
§        ثورة في الداخل الايراني.
§        الاتصال بالجانب الأمريكي لبدء عملية تفاوض.

وحتى الأمس، وقبل أن يعلن العراق موقفه من البيان الختامي في القمة العربية، كان خيار المقاومة النشطة قد سقط من بين الخيارات، بعد التهديدات الامريكية الجادة بأن تأتيهم بجنود لا قبل لهم بها ان هم هموا بذلك.


وبالامس، وبعد اعلان العراق، وهو اعلان لا يمكن أن يصدر من دولة في وضع العراق وهشاشته، مستنداً الى دعم دولة مثل ايران (وهو يسمع هدير الحشود في الخليج العربي والتهديدات الموجهة منها للجانب الايراني)؛ وهذا يطرح سيناريو استناده الى قوة اكبر ولديها الجرأة أكثر عل محاولة الرد، ويطرح بالتالي اسم الجانب الروسي بقوة حول الجهة التي استند اليها العراق في (فرد صدره) ليلة البارحة.

هذا الوضع الذي استجد البارحة قلص كل الخيارات الأخرى المتبقية، فكلها خيارات رهانها الأساس على توفر عنصر الوقت وهو ما لم يعد متوفراً بعدما أطل (الدب) برأسه من خلال الموقف العراقي. أظن أنه من الآن لم يبق الا خيار سيناريو العام 1941م مطروحاً على الطاولة، ومتى ستقرران - الولايات المتحدة أو روسيا - موعد اللقاء في طهران.





الأحد، 19 مايو 2019

ليلة سقوط عرش بريسبولس من قمة الـ اوبك




لا شك أن تجربة المملكة في تحقيق سيادتها على مواردها تجربة تكاد تكون من فرائد التجارب العالمية في سلاستها وجودة أدائها ونتائجها. يكفي المراجع أن يطالع تجارب الدول المجاورة ليعلم كم علينا أن نقدر ونحترم البصيرة التي أظهرها قادة هذه الدولة ورجالها، وروعة ادائهم في تحقيق ذلك.

ايران على سبيل المثال، اضطرت الى خوض انقلاب مرير على السلطة العام 1953م نتيجة تأميم صناعة النفط الايرانية عام 1951م. وفي مصر، تعرضت الدولة لضربة عسكرية في العدوان الثلاثي رداً على تأميم قناة السويس عام 1956م...

ولا شك أن قرار الشيخ أحمد زكي يماني بتوجيه من جلالة الملك فيصل – يرحمه الله – أن يخلع قبعة (الرفيق) والأفكار القومية التي كانت مغشوشة في دعاويها، والتعامل مع الأمر بشكل قانوني مهني محترف، شكًّل ذلك ذهنية جديدة كلياً في اسلوب المطالبة؛ وترتب عليه اختلافاً جذرياً في النتيجة، لم تفطن اليه كثير من الأنظمة في حينها.

ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي غيرت فيها المملكة قواعد العمل فيما يتعلق بالثروات النفطية للمنتجين.

لقد استطاع الشيخ أحمد زكي يماني لاحقاً احداث ثورة في قواعد العمل داخل الـ اوبك - والتي كانت واقعة منذ انشائها تحت سيطرة ايرانية تكاد تكون مطلقة وبسياسة ضيقة الافق لا ترى سوى مسار رفع الأسعار لتعظيم الأرباح دون مراعاة للمصالح الدولية. فقد قرر في اجتماع قطر في ديسمبر 1976م وبتوجيه من جلالة الملك خالد – يرحمه الله – الانفصال عن قرار زيادة الأسعار التي أقرها الاجتماع؛ وزيادة الانتاج ان اقتضى الأمر بما يضمن ثبات الأسعار وحثها على الانخفاض، مراعاة للحالة الحرجة التي كانت تمر بها الأسواق العالمية نتيجة ضغوط أسعار الطاقة، وحرصاً على الحفاظ على سلامتها.

لقد قرأت القيادة السعودية بدقة ما كانت تحتاجه الأسواق العالمية وقتها وفي كل وقت:

·         القدرة على التعامل مع الثروة النفطية وتعقيداتها بشكل قانوني ومهني محترف بعيداً عن الانفعالات العصبية والحماقات الايديولوجية.

·         القدرة على خلق توازن فعال بين مصالح المنتجين والمستهلكين، وعدم الانسياق وراء جني الأرباح الآنية على حساب استقرار وسلامة الأسواق العالمية ورخاءها - والذي يمثل عنصر الطلب الأساس في المستقبل.




الأحد، 12 مايو 2019

هل هناك حرب فعلاً؟



اذا راجعنا العمليات العسكرية في منطقة الخليج العربي، سنجد أن الجانب الايراني لم يتسم برعونة التصورات والتقديرات التي أقدم عليها العراق مثلاً سواء في حرب الخليج الأولى أو الثانية.

المرة الأساسية التي قام بها الجانب الايراني في منطقة الخليج العربي بعمل عسكري استباقي كانت احتلال الجزر الاماراتية؛ وقد اعتمد فيها على التغيير الكبير في ميزان القوى الذي اكتسبه من الدعم الأمريكي في الفترة ما بين 1968-1971م لتجربة فرض أمر واقع يعكس قدراته العسكرية المكتسبة اعتماداً على عنصر المفاجأة الذي توفر له وقتها.

وهذا يدفعنا الى أن السؤال الأهم في هذه اللحظة قد لا يكون هل نحن بانتظار نشوب حرب في المنطقة أو لأ، وانما من الذي سيبدأها؟ ولا أظن أن الجانب الايراني قادر على القيام بعمل استباقي هذه المرة؛ فقدْ فقدَ عنصر المفاجأة بالانتشار الأمريكي السريع في المنطقة؛ وأن المواجهة ستكون هذه المرة  أمام قوة عظمى ليس له قبل بها.

وهذا يضعنا تاريخياً في وضعية مشابهة تماماً لأحداث أغسطس 1941م، والتي جرى فيها الغزو الأنجلو – سوفيتي على ايران من أجل تأمين امدادات النفط بعد فشل الشاه (الأب) في تطمين العالم حول سلامة موقفه من دول المحور.

ويجعل الهدف الاستراتيجي من هذا الحشد أقرب الى الاطاحة بحكم الملالي، والذي تمادى في اثارة القلق العالمي حول امكانية الحصول على امدادات آمنة للنفط، واستقرار مستدام في المنطقة. 





الأربعاء، 10 أبريل 2019

عندما سقط جدار برلين (نسختنا المحلية من القصة)



عندما سقط جدار برلين في 9 نوفمبر 1989م سقط معه مجموعة من الخرافات التي كانت تستتر وراءه؛ وهذا يشبه بشكل كبير ما حدث يوم الأول من ابريل 2019م، يوم نشر التقارير المالية لشركة ارامكو.

الخرافة الاولى التي سقطت:
"ارامكو أكبر شركة في العالم".

والحقيقة أن قيمتها (الاساسية) لا تتجاوز الـ 550 بليون دولار بحسب نتائج العام 2018م، وهي نتائج لا تبتعد كثيراً عن القيمة السوقية (الناضجة) لشركة مثل اكسون موبيل (وهذا بدون تعديل البيانات لازالة أثر عدم تكافوء تكلفة انتاج البرميل من النفط بين الشركتين وهي الميزة التي ليس لارامكو يد فيها) .

الخرافة الثانية التي سقطت:
"صفقة استحواذ ارامكو على حصة مهيمنة من سابك تغني عن طرح حصة من ارامكو".

الواقع، أنها بالكاد تعوض محصِّل ضريبة دخل ارامكو عن جزء من الاستقطاع من حصته بسبب خفض ضريبة دخل ارامكو (وتكفي بالكاد لتعويضه عن فترة مالية واحدة)، هذا بخلاف أن نجاح طرح ارامكو بالقيمة المأمولة هو تغيير جذري في عمل أسواق النفط وليس مجرد مكاسب حدية محدودة كما هو حال صفقة الاستحواذ. 

الخرافة الثالثة التي سقطت:
"لسنا بحاجة لبذل جهد جاد لتنويع مصادر الدخل، موجة ارتفاعات اسعار النفط القادمة ستعصمنا من الاختناقات".

والحقيقة أن ارامكو شركة مثلها مثل أي شركة، وبالتالي فان ما يمكن أن نحصل عليه كصافي دخل منها في اطار مستوى معين من الاستثمارات الراسمالية له حد مرونة لا يمكن تجاوزه، وهو أدنى كثيراً جداً مما يتطلبه تحقيق الرؤية؛ كما أن ضغوط مصالح المستهلكين تضع قيوداً حرجة حول مستويات ارتفاعات الاسعار الممكنة. 

أما الخرافة الرابعة فهي:

"أن القيمة الأساسية المأمولة لارامكو يمكن تحقيقها (دون) ايجاد حلول مبتكرة لتداول الاكتشافات المؤكدة للنفط".






الاثنين، 25 فبراير 2019

الثقوب السوداء وذاكرة المادة في عماء الوجود



يظل السؤال الحائر فيما يتعلق بـ (الثقوب السوداء) هو: هل المادة التي تجذبها وتبتلعها الثقوب السوداء تحتفظ بذاكرتها في (عماء) الثقوب السوداء؟

بمعنى آخر، هل المادة في قلب الثقوب السوداء، لو قدر لها أن تتغلب على قوة جذب الثقب الأسود الذي ابتلعها، فهل يمكنها أن تتذكر ماهيتها التي مزقتها الجاذبية الهائلة للثقب الأسود قبل الاستقرار في عمائه، وتلملم شعث نفسها على أساس ذلك - سواء أكان خروجها خروجاً الى الوجود أو في اتجاه أي عوالم أخرى؟

هناك آثار عن أحجار، كالثقوب السوداء، لها القدرة على استقطاب ذنوب الخلق - حتى ظهر ذلك مادياً على مظهرها ولونها - ومع ذلك نعلم أن الذنوب التي استقطبتها اليها تحتفظ بكامل ذاكرتها وتفاصيل تسجيلها لكل فرد بشكل مستقل طوال فترة مكوثها في قلبها حتى تعود للظهور في الحياة الآخرة - فيسترها الله بستره أو يعذِّب بها.

وهناك آثار من الكتاب المقدس عن بداية الخلق وخروجه من العماء الى الوجود بنسق معين كما اراده الخالق؛ بمعنى أنه كان يتمتع بذاكرة للأمر له بـ (كن) جعلته قادراً على أن يكون كما شاءت له الارادة الالهية أن يكون. 

وبالتالي، وبالعودة الى السؤال الأول الذي انطلقنا منه، فان الرأي الذي يذهب الى احتفاظ المادة التي تبتلعها الثقوب السوداء بذاكرة حول ماهيتها الأصلية في عماء الثقوب السوداء يبدوا من المرجح أن يكون هو الرأي الذي ستثبته المعامل يوماً ما.