الأحد، 15 نوفمبر 2020

المعرفة الآدمية بالله - من ابراهيم الى يعقوب عليهم السلام أجمعين

 


تجربة إبراهيم عليه السلام

 

غير صحيح أن الله يُعرَف من غير نظر في العالم. 

 

نَعَم يُعرَف كذات قديمة أزلية٬ ولكن لا يُعرَف أنه إله حتى يُعرف المألوه. ولا يتم ظهور المألوه الا بتخلله جميع نِسَب الحق المعبر عنها بالأسماء.

 

ثم اعلم أنه ما تخلل شيء شيئاً الا كانا محمولان في بعضهما..

 

فان كان الخلق هو الظاهر٬ فالحق مستور باطن فيه - "كنت سمعه وبصره" كما جاء في الخبر.. 

 

وإن كان الحق هو الظاهر٬ فالخلق مستور فيه – وهم جلاء نِسَبه التي هي عينه.

 

   

تجربة إسحاق عليه السلام

 

الانسان يتلقى من حضرة الخيال رسائل خلال مرحلة النوم. مجمل تلك الرسائل مشفرة وتحتاج الى فك رموزها في عالم الواقع٬ وتعبيرها٬ قبل التعاطي معها. إبراهيم الخليل عليه السلام كاد أن يذبح ابنه عندما صدَّق رؤياه كما هي ولم يعبرها!


الا إذا رأى الرائي النبي صلى الله عليه وسلم٬ فانه يأخذ عنه جميع ما يأمره به أو ينهاه عنه أو يخبره٬ فان الشيطان لا يتمثل بصورته صلى الله عليه وسلم. اما إذا أعطاه شيئاً فان ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير.

 

وإذا رأى الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي فإنها تعبَّر بالحق المشروع في حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معاً٬ وإن لم يردها الدليل العقلي فيكون قد رآه كما نرى الحق في الآخرة سواء.

 

وفي الاتجاه الآخر٬ قد يخلُق الانسان بالوهم في حضرة خياله ما لا وجود له الا فيها. وبإمكانه نقله منها الى حضرات أخرى غير حضرة خياله وحفظه فيها.

 

 

تجربة إسماعيل عليه السلام

 

كل موجود فهو موجود على بصمة أسمائية مميزة تحدد مخرجاته. وعلى ذلك فكل أفعاله "مرضية" عند ربه الذي هو هويته. ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضياً٬ أن يكون مرضياً عند رب عبد آخر.

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

المعرفة الآدمية بالله ما قبل الطوفان - تجربة نوح عليه السلام

 


صُوَرُ العالم لا يمكن زوال الحق عنها. فأي صورة اذا زال عنها الروح لم يعد هناك فرق بينها وبين صورة من خشب أو حجارة٬ فحد الالوهية لها بالحقيقة لا بالمجاز.. 

 

ولذلك قيل "ما عُبِد [على الحقيقة] غير الله في كل معبود". ولما عَبَد اناس بعض الصور متوهمين عبادتهم للحق في صورها٬ واراد الحق اعادتهم الى رشدهم٬ خاطبهم بـ "قل سَمُّوهُم" لينتبهوا الى ما وقعوا فيه من خطأ في توهمهم. 

 

وعليه فان الدعوة الى الله من حيث هويته محسوم، وبذلك تكون قراءة"وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه" على سبيل الحكم لا الأمر؛ وما بقي الا أن تكون الدعوة اليه من حيث الربوبية والانابة اليه. 

 

ثم ان تلك الروح المتخللة الصورة ليست هي الصورة المادية الوجودية للصورة٬ فـ "ليس كمثله شيء". ولا هي متبرئة منها بشكل محض٬ فقد حكى عن نفسه تعالى بأنه "السميع البصير"٬ فشبه بها..

 

ولذلك عُدّت تلك الأطراف القصوى من كل جانب في وصف الروح إساءة ادب مع الله٬ وجرت السِنَةُ الرسل بكل الطَّيف بينهما.





المعرفة الآدمية بالله ما قبل الطوفان - تجربة ادريس عليه السلام

 


لو قتل شخص شخصاً آخر بسكين٬ فان السكين في يد القاتل تسمى "أداة الجريمة"؛ ونفس السكين في يد الشرطة التي باشرت الواقعة تسمى "حرز مسرح الجريمة"؛ وهي هي نفسها في يد وكيل النيابة تسمى "دليل الاتهام"..

 

جميع الأوصاف المختلفة لم تغير من اصل السكين شيء..

 

والسكين هو نفسه المتصف بكل وصف منها بلا شك..

 

وهي في يد كل طرف لا تحتمل وصفها بالوصف الذي وصِفَت به في يد غيره..

 

والسكين في اصلها خالية من كل الاوصاف والنعوت٬ واكتسبت كل نعوتها ممن وجدت في حوزته.

 

وبالمثال٬ فعلم الله متجرد عن اوصاف الحمد والذم٬ وقد وسعت رحمته تعالى كل شيء؛ والاوصاف والاحكام المختلفة حكمت بها عليه القوالب المتنوعة التي تجلى فيها٬ دون ان تغير من اصله شيء.