السبت، 17 ديسمبر 2016

مبادرة الغاز والسيد علي النعيمي



لم يتمكن السيد علي النعيمي ان يغفر للخارجية الالتفاف حول صلاحيات وزارة البترول، في مبادرة منها لاحياء العلاقات السعودية الامريكية بالسبب الذي نشأت عليه العلاقة أساساً يوماً ما - النفط. وكانت مبادرة الغاز فرصة لسحق اي تدخلات من أي طرف  حاضراً ومستقبلاً.

لقد حرص فعلياً بعد فشل مبادرة الغاز ان يحصل على قرار سيادي يقضي بأن تكون وزارة البترول وارامكو هما القنوات الرسمية الوحيدة المخولة بالتفاوض لتطوير الثروات الهيدروكربونية للمملكة.

ما هو حجم مسئوليته عن النتيجة النهائية لمبادرة الغاز؟ لقد سجل بنفسه في مذكراته انه حصل على تفويض مفتوح بقيادة المبادرة هو وكبار التنفيذيين في ارامكو في مراحلها المتقدمة على مبدأ (اعط العيش لخبازه).

هل كانت النتيجة النهائية جيدة؟ شخصياً لا أعتقد ذلك.

كانت للسيد النعيمي ملاحظات جديرة على المبادرة بدون شك، مثل:

§        ضرورة حصر الاتفاقية في التنقيب عن الغاز، وتحديداً في المناطق الغير معروفة مسبقاً لأرامكو.
§        ضرورة ربط الاتفاقيات بتنفيذ اسثمارات في مشروعات البنية التحتية الحيوية للمملكة.
§        ضرورة الحصول على شروط منافسة.
§        ضرورة مراعاة طرح الفرص التي لا تمس الافصاحات السرية الحرجة الخاصة بوزارة البترول وارامكو.
§   ضرورة أن يكون الفريق المفاوض بقيادة وزارة البترول وارامكو (كان هناك تخوف حقيقي من اغفال فريق التفاوض الأولي بقيادة الخارجية، وعدم قدرته على فهم وافر للتفاصيل الفنية وما قد يترتب على ذلك من أثار مالية سلبية عميقة على الاتفاقيات).

ورغم أنه استطاع بمساعدة الفريق المكلف علاج هذه النقاط عبر مسار المفاوضات، الا أن ايقاظ شبح إمكانية سيطرة الشركات الأجنبية على موارد البلاد ومستقبلها أفسد على المفاوضين من الجانب السعودي قدرتهم على الابداع في مفاوضات وصياغة الاتفاقيات النهائية لتجاوز فرق الست نقاط مئوية التي كانت الفارق الأخير بين ما كنا قابلين لتقديمه كعائد مستقر لاستثمارات الشريك الأجنبي وبين ما كانوا يطالبون به.

الغريب أن بعث هذا التخوف لا يدعمه واقع التجربة السعودية.

يوماً ما كنا في موقف أكثر صعوبة، وقبلنا بشروط أكثر قسوة، ولكن بُعد نظر القيادة وصبرها وثقتها ودعمها للمفاوض عن الجانب السعودي استطاع أن يهيء لها أن تستحوذ على ملكية مواردها وانتاجها بشكل كامل وبأمان لافت؛ وبعيداً عن ذهنية المؤامرة وسيطرة الشركات الأجنبية على موارد البلاد ومستقبلها! 

أخيراً، لا يمكن أن نغلق هذا الحوار بدون الإجابة عن السؤال الأخير الذي ختم به السيد النعيمي فصله عن الفترة بين 1998-2003. أما الإجابة فهي: الأكيد أنك كسبت المعركة فعلاً، ولكننا خسرنا الحرب.


أما آخراً، فان الفائدة العظمى التي يجب أن نخرج بها من هذه التجربة فهي: أن تجويع وحش كاسر لمدة خمس سنوات طوال ثم اطلاقه خالي اليدين ليس فكرة جيدة! ما لم يذكره السيد النعيمي في مذكراته، أن آمال مبادرة الغاز تبخرت في ربيع 2003، وأن حرب العراق بدأت في ربيع 2003.



الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

يوم رائدات الأعمال في المملكة العربية السعودية



(يوم رائدات الاعمال العالمي) تعتبر واحدة من اكبر المبادرات لتمكين ريادة الأعمال النسائية في العالم. وللعلم، فانه بالإضافة الى مقعد سفيرة يوم رائدات الأعمال السعودية، فان السعودية تترأس مقعد سفيرة يوم رائدات الأعمال عن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا كذلك. لابد أن يلفتنا ذلك الى أن نضج التجربة السعودية في هذا المجال ربما أبعد من تصورات كثيرين.

يوم أمس تشرفت بحضور حفل يوم رائدات الأعمال السعودية بدعوة كريمة من السيدة سفانة دحلان، سفيرة يوم رائدات الأعمال في المملكة العربية السعودية، والذي حظي برعاية واستضافة جامعة عفت؛ ومشاركة مهمة من معالي الدكتور غسان السليمان - محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

لابد أن أعترف أولاً أنني لم أتوقع أبداً هذا الحضور الكثيف من المهتمات بريادة الأعمال النسائية؛ وأنا هنا لا أتحدث فقط عن راغبات في أن يكن رائدات أعمال، ولكن عن منشآت حقيقية لرائدات أعمال تمارس وجودها بنجاح لافت وأستطاعت فعلياً أن تقهر تحدياتها.

الشيء الملفت الآخر هو، نجاح السيدة سفانة دحلان خلال ثلاث سنوات فقط من مركزها كسفيرة ليوم رائدات الأعمال في المملكة العربية السعودية أن تنهض بدور رائدات الأعمال الى هذا المستوى من النشاط والأمل! لا شك أن ذلك يحتاج الى قدر كبير من القيادة والقدرة على الالهام لتحقيقه.

لقد نجحت السيدة سفانة دحلان أن تجعل من مركز سفيرة يوم رائدات الأعمال السعودية مركز الجاذبية لكل المهتمين بريادة الأعمال النسائية في المملكة العربية السعودية من جامعات، وحاضنات ومسرعات أعمال ومستثمرين؛ وتسخير ذلك لتعزيز قيمة الحياة الكريمة في المجتمع، وتمكين رائدات الأعمال وتوفير الدعم اللازم لهن والتعريف بانجازاتهن.

ان كان هناك انطباع أكيد يمكن أن نخرج به من اللقاء فهو، انه يمكننا أن نراهن بثقة على نشاط رائدات الأعمال السعوديات كرافد مهم في تحقيق معدلات مشاركة المرأة بمهنية ونجاح في رؤية 2030.



الخميس، 27 أكتوبر 2016

لماذا يجب أخذ (جس نبض) حقوق المرأة من قبل النيويورك تايمز على محمل الجد



مع اقتراب حظوظ فوز السيدة هيلاري كلينتون بالرئاسة فان (جس نبض) حقوق المرأة في السعودية الذي قامت به صحيفة النيويورك تايمز ليس من قبيل الصدفة.

السيدة هيلاري كلينتون عرابة خطة السياسة الخارجية الحديثة (الديبلوماسية والتنمية) والقائمة على استخدام القوة الناعمة في احداث التغيير حول العالم؛ وادواتها الاساسية:

§         استخدام المؤسسات المدنية.
§         وتمكين المرأة.

وقد اختبرت السيدة كلينتون بنفسها بالتجربة المباشرة في وقت سابق فشل محاولة التأثير من خلال المؤسسات المدنية في السعودية.

فالجامعات تتمتع بقبضة بيروقراطية حديدية؛ كما لا توجد قاعدة عريضة من المؤسسات المدنية المؤثرة؛ ولم يتبق غير بوابة تمكين المرأة لمحاولة اختراق المجتمع من خلالها.

ما يفاقم من خطر هذه البوابة عدة تغيرات ديموغرافية تطورت في السنوات الماضية:

§         زوال الجيل المؤسس للكيانات الاقتصادية الكبرى؛ وبالتالي اعادة توزيع الثروات على الجيل التالي. كذلك، توزيع تعويضات التوسعات. كل ذلك ساهم في خلق طبقة مليونيرات جدد؛ رفعت من قدرة المرأة على متابعة قضاياها.

§         ضغوط (السوشيال ميديا) والتي خلقت وعياً - صادقاً كان أو غير صادق - بفجوة في حقوق المرأة بين المحلية والعالمية.

§        رُبع تعداد المرأة فوق سن الـ ١٥ سنة في المجتمع (٣ مليون امرأة تقريباً) لا تملك هوية وطنية مستقلة، وهو ما يلقي بظلال ثقيلة على قضية الوصاية، وهو رقم كبير لقضية مشتركة، ويثير الكثير من المحاذير.


كل ذلك يجعل قضية حقوق المرأة الحلقة الامنية الأضعف والتي ربما اغرت باستغلالها.


https://ssl.gstatic.com/ui/v1/icons/mail/images/cleardot.gif

الأحد، 23 أكتوبر 2016

هل ستفلس الدولة؟



الحقيقة  ان  قصة  افلاس  الدولة  قصة  مقززة  خاصة  وانها   صادرة  عن  عقول  المفترض  انها متخصصة.

الدول لا تفلس أبداً. 

عندما  تتعثر الدول، اما  أن  تكون  لديها   برامج  مقنعة قوية   تستطيع  جذب  دعم المؤسسات  المالية   الدولية  لمساندتها؛  واما  ان تسقط  في  دوامة  التضخم  وسلسلة التوابع التي تترافق معها وتغرق في الفشل الذي تستحقه.

هل لدينا برامج اصلاح  اقتصادي مقنعة؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه.

هل ستفلس الدولة؟

 ليس هناك  اجابة. فليس  هناك  سؤال حقيقي وراءه. انها سفسطة خيال.



الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

جورج سوروس وسندويتش الكبدة!



يقول جورج سوروس:

"الأحداث اللاحقة لا تخدم أن تكون متغيراً مستقلاً عن توقعاتنا. فلو اختلفت التوقعات ربما أدى ذلك الى مسار آخر للأحداث".


وبصورة مرتبطة بنا، فان ما تعنيه حكمة جورج سوروس: أنه لابد أن تكون توقعاتنا لائقة بتحقيق رؤية 2030 فلربما ساعدنا ذلك على تغيير مسار الأحداث للوصول الى نتائج رؤية 2030. استمرار توقعات (أبو سروال وفلينة) لن تعطينا أكثر من سندويتش كبدة وبتفضيل وحيد - بشطة ولا بدون شطة!



الجمعة، 9 سبتمبر 2016

الشيخ عبدالرحمن علي التركي – في ذمة الله ورحمته



انتقل الشيخ عبدالرحمن علي التركي الى جوار ربه! خبر مؤلم وحزين.

من يعرف الشيخ عن قرب، كان يمكن أن يتهيأ له أحياناً أن الموت سيموت يوماً ويبقى الشيخ من بعده – من فرط حيويته ونضارته ونشاطه حتى وهو في الثمانينات من عمره.

كان يرحمه الله رجل أعمال من الطراز الأول. 

الصفقة الأولى التي حلقت به في سماء عالم الأعمال كانت عندما قررت ارامكو في 1982م انشاء خطي أنابيب رئيسين يربطان مرافق انتاج الزيت في المنطقة الشرقية بينبع.

لقد أرادت أرامكو لهذين الخطين أن يكونا تحفة تكنولوجية بين خطوط أنابيب المواد الهيدروكربونية بحيث تكون مراقبتهما والتحكم فيهما بالكمبيوتر على آخر ما وصلت اليه التكنولوجيا الحديثة في وقتها. ووقع الأختيار على حلول شركة هونيويل وشريكها المحلي في المملكة مؤسسة عبدالرحمن علي التركي للتجارة والمقاولات لتنفيذ نطاق المراقبة والتحكم في المشروع.

القفزة الكبيرة التالية كانت، عندما توجهت الدولة نحو خصخصة خدمات الموانيء البحرية. واستطاع الشيخ بالتعاون مع ماكينزي أن ينجح في تطوير (بيزنس موديل) يستوفي احتياجات المؤسسة العامة للموانيء وفي نفس الوقت له القدرة على تقديم نتائج قادرة على تطوير العمليات التشغيلية للخدمات البحرية واستدامة نتائج موجبة لعملياتها من الناحية التجارية.

استطاعت بذلك مؤسسة عبدالرحمن علي التركي للتجارة والمقاولات الفوز بالمنافسة على عقد مينائي جدة الاسلامي وميناء جازان للخدمات البحرية، واستطاعت الفوز به لفترة ثانية بعدها مستمرة حتى 2020م.

ولا أريد أن أكون مثالياً هنا. فتطوير (البيزنس موديل) لم يكن وحده ضمانة كافية للفوز لو لم تخدمها المهارات (الانتريبرينوريل) الطبيعية التي يتمتع بها الشيخ. لقد كان يتمتع بمهارة مذهلة على استخدام (الكتف القانوني) للفوز بالتحديات التي تواجهه.

الخطوة الواسعة الثالثة التي قام بها الشيخ كانت (أبراج كابيتال). استطاعت أبراج كابيتال أن تستهدف شريحة مهمة من الشركات السريعة النمو، والتي لها فرصة توسع عريضة وواضحة، بالاستثمار المباشر فيها وأخذها الى المستوى التالي الذي تحتاج الانتقال اليه ثم اعادة بيع حصة أبراج كابيتال فيها بعد تحقيق درجة النضج المستهدفة. وغني عن التعريف جودة وتميز أداء ونتائج أبراج كابيتال.

أتصور أن هذه الأمثلة من نجاحاته يرحمه الله كفيلة لترى منها فرادة طريقة عمله، وفرادة انتقاءه لنوعية الفرص التي يتابعها، وقدرته على استخراجها من بطن المجهول اذا اقتضى الأمر.

لقد كان نسيج وحده يرحمه الله.


تعازي الحارة للاخوان زياد وفهد ونواف. سائلاً المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته.



الاثنين، 22 أغسطس 2016

قراءة في القضية الفلسطينية



قبل أن نبدأ حديثنا عزيزي القاريء، أطلب منك أن تتأمل في تفاصيل الخريطة التالية قبل أن تتابع القراءة.



أرجو أن تكون لاحظت أن المساحات الوردية هي المساحات التي احتلها العدو الإسرائيلي في حرب 67؛ وأن هذه المساحات هي محور كل ما تراه وتسمعه اليوم عن الصراع العربي الإسرائيلي.

وأرجو أنك تعلم أن شبه جزيرة سيناء قد تم استعادتها كنتيجة لانتصار حرب أكتوبر 73، وجهود السلام التي قادها السيد الرئيس الراحل محمد أنور السادات - وحيداً - والتي تكللت باتفاقية كامب ديفيد للسلام في سبتمبر 1978م، والتي كانت عودة شبه جزيرة سيناء أحد مقتضياتها.

وأرجو أن تكون قد أدركت أن هضبة الجولان قضية عربية بحكم المنشأ ولكنها قضية سورية بحتة بحكم الواقع، آثر النظام السوري أنه من الأسلم له أن يبقي الحال فيها على ما هو عليه – ولست معنياً هنا بمناقشة صواب رأيه من عدمه - النقطة المهمة هنا، هي أن قضية هضبة الجولان قضية أراضي سورية محتلة، وأن المشترك بينها وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة هو احتلالهما في حادثة العدوان نفسها.

بعد كل هذه المقدمة يتبقى أخيراً صلب موضوعنا، الأراضي الفلسطينية المحتلة والمتمثلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي هي موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تجدر الإشارة الى أن جهود الراحل السيد الرئيس ياسر عرفات والجهود العربية والدولية والمقاومة الفلسطينية كان لها الدور الأساس في الوصول بالصراع الى اتفاقية أوسلو 1993م، والتي أعطت الفلسطينيين حق الحكم الذاتي على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو انتصار مهم في مسار الصراع. وقد طُبق فعلياً في الضفة الغربية بدءاً من العام 1994م باستثناء القدس؛ واستغرق حتى عام 2005م ليبدأ تطبيقه في قطاع غزة.

كان المأمول من منح الفلسطينيين حق الحكم الذاتي على الأراضي الفلسطينية هو خلق فرصة متابعة تطور ممارسة هذا الحق والتماس الاتجاه الذي سينتحي اليه، والذي كان أمامه أن ينتحي نحو نظام فيدرالي أو ينتحي الى نحو دولة مستقلة. أتصور أنه كان محاولة جادة لاستكشاف النظام الذي من الممكن أن يحمل في جيناته فرصة استدامة أكبر. ويبدوا أن الممارسة أرست أن خيار الدولة المستقلة هو الخيار الذي انتصرت طبيعته في النهاية.

ولقد رأينا انعكاس ذلك لاحقاً في منح الجمعية العامة للأمم المتحدة صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة للدولة الفلسطينية المحتلة في 2012/11/30م.

وأظن أن هذا التاريخ الأخير نقطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فلأول مرة في تاريخ الصراع بينهما تسقط منزلة العدو الإسرائيلي الى درجة متأخرة في قدرتها على التأثير على مسار تقدم الدولة الفلسطينية المحتلة نحو خيار الدولة المستقلة.

لأول مرة يصبح التحدي الأهم هو مجلس الأمن وانجاح التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضمان نظام سلطة مستدام فيها وليس العدو الاسرائيلي.

الذي يجب أن نستيقظ عليه جميعاً، أن اسرائيل لم تعد التحدي الرئيس القادم لتحقيق تقدم في مسار القضية الفلسطينية. التحدي القادم هو:

  • اقناع مجلس الأمن بطلب الدولة الفلسطينية المحتلة لعضوية كاملة في الأمم المتحدة (قدمه الرئيس محمود عباس في سبتمبر 2011م).
  • وتخفيف الضغوط الحياتية اليومية والتنموية التي يعايشها أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة للتخفيف من الاحتكاكات والصراع في المنطقة بشكل يدعم تحقيق نظرة إيجابية لدي مجلس الأمن تعزز أسباب الموافقة على الطلب الفلسطيني.

اتفهم أن يجد البعض صعوبة في الفطام من صورة الصراع التقليدية، ولكنها تبقى الحقيقة التي يجب أن ندرك التغيير الذي حدث فيها لنستطيع متابعة مستقبلنا بشكل ناجح و فعال.

نبقى أخيراً مع موضوع القدس ولكنه حديث مستقل وحده.





الجمعة، 19 أغسطس 2016

د. أنور عشقي و "حديث الزيارة"


استيقظ السعوديون يوم 2016/7/24م على مفاجأة من العيار الثقيل: عودة اللواء ركن متقاعد د.أأنور عشقي من زيارة خاصة الى إسرائيل!


لقد حبس الخبر أنفاس المتابعين. وفتح الباب لتكهنات بإمكانية خروج اعلان بقبول دعوة زيارة قريبة لشخصية رفيعة (على غرار الخطوة التي قام بها هنري كيسنجر في 1971م لكسر الحاجز النفسي مع الصين وفتح الباب للانفتاح عليها؛ وما تلاها من اعلان الرئيس نيكسون أنه قد قبل دعوة لزيارة الصين وقتها بعد قطيعة وعداء استمرا لفترة تزيد عن العشرين عاماً).


انتهت حالة الترقب أخيراً بتعليق للخارجية أن زيارة مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية إلى إسرائيل تمثله شخصياً ولا علاقة لها بالمملكة، واكتفت بتذكير ببيان سابق لها عن الموضوع.


وبذلك تكون الزيارة قد انتهت الى وضع أقرب الى فشل رودلف هيس منها الى نجاح ومجد هنري كيسنجر؛ ولكن بمنعطف مهم عن محاولة رودلف هيس، وهو أننا على الأقل نستطيع أن نحمِّد للدكتور على عودته سالماً؛ القصة الأصلية كان فيها الكثير من الـ (عيش وحلاوة) – ولكن الله سلم. 





الخميس، 4 أغسطس 2016

المشهد الذي وضع نقطة النهاية لقبول الـ (الفوضى الخلاّقة)




بدأ أول ظهور علني لفكرة (الفوضى الخلاّقة) في حديث أدلت به السيدة كوندليزا رايس – وزيرة خارجية الولايات المتحدة وقتها – لصحيفة الـ (واشنطن بوست) مطلع ابريل عام 2005م.

ولا يبدو أن اطلاقها في ذلك التوقيت بالذات كان اعتباطياً؛ فقد جاء متزامناً مع زيارة لولي العهد السعودي وقتها للقاء السيد الرئيس جورج بوش (الابن). ويبدوا أنه تمت مناقشة تصوراتها أثناء الزيارة. يُنقل عن السيد دينيس روس تعليقاً على مادار من حديث في تلك الجلسة، أن ولي العهد حينها عبر عن مشاعره بصراحة عفوية مباشرة بأن الحديث أصابه بالـ (خوف!). ولكن يبدوا أن السيد الرئيس جورج بوش (الابن) استطاع أن ينجح في تهدئة نفس الضيف واقناعه أن لا شيء يدعو للقلق.

بعد ثلاثة أشهر أو تزيد قليلاً من تلك الزيارة بويع ولي العهد ملكاً للبلاد في الأول من أغسطس  2005م؛ وبالمناسبة فان يوم الأول من أغسطس يوافق يوم ميلاده أيضاً.

وتنبهت (الخارجية) للدور الجديد الذي ينتظرها، وأدركت أنها أمام فرصة مثيرة وعظيمة لتصنع ارثاً، نادراً ما يتكرر، لتتويج مسيرة طويلة من العمل الدبلوماسي لدرجة لم تستطيع معها السيطرة على نشوتها؛ حتى أنها وأثناء زيارة للسيدة كوندليزا رايس يوم 13 نوفمبر 2005م خرجت عن التقاليد المحلية واحتفلت بعيد ميلادها، وقدمت لها (تورتة) بهذه المناسبة، وغنت لها "سنة حلوة ياجميل!".

لقد كان الحدث خارج كل التصورات في حينها، لدرجة أن الصحافة الأمريكية نفسها علقت على غرابته، في بلد شديد التحفظ، ويَعتبر حتى الاحتفال بالمولد النبوي أمراً منتقداً في مشروعيته. ولكنه حدث يُظهر مدى الاستعداد للجموح في ذلك الاتجاه في ذلك الوقت.

استغرقت الأعمال التحضيرية للبنية التحتية لتنفيذ سياسة (الفوضى الخلاّقة) منذ ذلك الحين وحتى أواخر العام 2010م، حين أعلنت السيدة هيلاري كلينتون (خليفة السيدة كوندليزا رايس لمنصب وزارة الخارجية الأمريكية) خطتها لـ (الديبلوماسية والتنمية) والتي وضعت أهدافاً محددة لوزارة الخارجية في الخارج والتي تمثلت في:

§       المبادرة بالاعتماد على القوة المدنية كوسيلة غير مكلفة

للاستجابة للتحديات العالمية ومواجهة الكوارث.

§       تقوية وضع المرأة في العالم.

وبغض النظر عما قاسيناه نتيجة نجاح خطة السيدة كلينتون على نطاق عريض في العالم العربي (تونس، ليبيا، مصر، اليمن وسوريا) الا اننا يجب أن نعترف أن ادخالها للانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي كعنصر أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية كان قراراً عبقرياً وغير مسبوق؛ وأنها فاقت تصورات كل أحد على التنبؤ بشكل جيد بقدرة هذا العنصر الجديد على تعظيم أثر حركة القوة المدنية وتحويلها من مجرد (زوبعة في فنجان) الى أعاصير قادرة على اقتلاع أنظمة.

لقد حاول الملك أن يصابر ما يجري، ورآه (مخيفاً) يوماً ما، حتى وصلت الأوضاع الى قمتها في أحداث القاهرة في 30 يونيو 2013م. كان منظر المتظاهرين في شوارع القاهرة مهيباً! ويبدوا أنه أيقن معه أن (الخوف) الذي استشعره منذ اللحظة الأولى كان حقيقياً، وأن كل التطمينات التي حصل عليها لم تُحسن فعلاً قراءة ما هو قادم. وأن ضميره الإنساني لن يستطيع أن يتحمل (الفوضى الخلاّقة) لأبعد من ذلك بعد الآن.

لقد قرر أن يلقي بثقله كله خلف دعم اختيار الشعب المصري بغض النظر عن أي تصورات خارجية له. وقام بموقف بطولي وقتها، فقد اختار أن يجنب (الخارجية) الاحراج الرسمي وقرر أن يأخذ تلك الخطوة على شخصه وبتنسيق مباشر من فريقه الخاص.

لقد وضع لقاء الملك بالرئيس على متن الطائرة الملكية على أرض مطار القاهرة في 20 يونيو 2014م نقطة النهاية لقبول فكرة (الفوضى الخلاّقة).






الأربعاء، 27 يوليو 2016

تركيا – رجائي أن يهدأ (غضب) الرئيس أولاً.




بداية، ربما كان من الملائم أن نسجل أن العمل السياسي يمر عملياً بثلاث مراحل:

§       مرحلة المغامرة والبطولات الفردية.

§   مرحلة مشروعية الوجود، وهي تقتضي وجود قدرة على الوجود المستدام (الحزب).

§       مرحلة السلطة، وهي تقتضي وجود شرعية تعطيها القبول العام.


وبالنسبة للسيد الرئيس رجب طيب أوردوغان، فان محاولة ضرب المرحلة الأولى قد فات أوانه من زمان بعيد جداً.

وحتى محاولة ضرب مرحلة مشروعية الوجود، فربما كان من الممكن فعل شيء تجاهها عندما كان السيد الرئيس يعتمد بدرجة ما على مساندة السيد محمد فتح الله جولن وحزبه مثلاً؛ ولكن هذه اللحظة فاتت ومضى زمانها من اللحظة التي أعلن فيها السيد أردوغان عنه أنه يراه (كياناً موازياً). من تلك اللحظة، بدا جلياً أن السيد أردوغان قد وصل فعلياً الى وضع سمح له باستقلال تام عن أي مساندة، وسمح له بأن يرى أي مساندة خارجية مجرد (كيان موازي) ليس الا.

وحتماً لا يمكن - ولا حتى لجاهل - أن يتصور أن يحاول ضرب شرعية السيد أردوغان ولا حزب العدالة والتنمية. فما تحقق من أعمال ونتائج أمام الناس – وخاصة في العشر سنوات الماضية – أكسبته من الشرعية والقبول العام ما يستحيل معه تصور إمكانية ذلك.

بقيت النقطة الأخيرة والوحيدة التي يمكن تسديد ضربة منها - السلطة.

والحقيقة، أظن أن من كان يرعى الانقلاب كان يدرك أن حظوظ نجاحه محدودة جداً، خاصة وهو يعلم بعدم مشاركة القيادة العامة للجيش في الانقلاب، في مؤسسة بيروقراطية شديدة مثل الجيش التركي. وعلى ذلك، فعلى الأرجح، أن أقصى ما كان يطمح اليه هو احداث شرخ في السلطة ولو حتى لعدة ساعات فقط.

من الناحية الواقعية، ليس مهماً أنه نجح في احداث الانقلاب الذي أراده أو لأ. الواقع الأسوأ أنه نجح في أن يثير فتنة داخلية و بركاناً من (الغضب) عند السيد الرئيس.

آخر مرة رأينا فيها هذه التوليفة مجتمعة في المنطقة من الفتنة الداخلية و الغضب كانت في مصر في 3 سبتمبر 1981م والتي انتهت الى نهاية تراجيدية عنيفة.

رجائي أن يهدأ السيد الرئيس أولاً. فما فعلوه هو أقصى حدود ما كان يمكن أن يصيبوه. وأن ينجح سريعاً في التخلص من/إبطال الألغام التي خلفها الانقلاب - الفتنة الداخلية والغضب.


الخميس، 21 يوليو 2016

مؤسسات اعلامية وحروب فاشلة




قبل بضع سنوات ظهرت علينا شخصية تقمصت شخصية (بن برادلي)، وصورت أنها بقيادتها لصحيفة دولية بإمكانها أن تسقط رئيس - كما فعل (الأستاذ) من قبل - عندما تمكن بقلمه وصحيفته من اسقاط الرئيس (نيكسون).

وفي جهة أخرى، ظهرت علينا شخصية تقمصت شخصية (لوكاس سكاي وولكر) من شخصيات أفلام (حرب النجوم) وصورت أنها حصلت على دراسات وخطط لتحطيم (نجم الموت) الشرير.

والنتيجة التي نشاهدها اليوم:

الرئيس لا يزال يفعل ما يفعل، والذي أفل هو تلميذ بن برادلي.

و (نجم الموت) الشرير وقع اتفاقاً نووياً تاريخياً، ويتقدم بخطى متسارعة نحو مستقبله.

والخاسر الوحيد، هو الانسان البسيط الذي شُوِّهت الأخبار والتقارير التي يقرأها ويشاهدها لدرجة لم يبق معها لمصداقيتهما أثر ولا احترام.

فهل نستطيع، بعد هذه النتائج، أن نطلب العودة الى اعلام رصين غير مؤدلج؛ والعودة الى نقل

 محايد، وخبر صادق، ومعلومة تمكن للقاريء/المشاهد أن يكون أقرب الى الحقيقة.

اتجاه للأسف، تشوه بدرجة كبيرة بعد مدرسة الأستاذ عبد الرحمن الراشد.















الاثنين، 18 يوليو 2016

ومضة نجاح لا يبدوا اننا اعرناها ما تستحق من انتباه



هناك ومضة نجاح لا يبدوا اننا اعرناها ما تستحق من انتباه؛ انها اللحظة التي اعلن فيها سمو الأمير خالد الفيصل أن: "الحرم امتلأ عن آخره".

لحظة سجلت لمنظومة الحج والعمرة نجاحها في القفز باعداد المعتمرين عن أداء العام السابق لأقصى كفاءة للسعة الاستيعابية التي اتاحتها التوسعات التي اكتملت لموسم هذا العام.

كم أضاف هذا النجاح الى اجمالي الدخل المحلي؟ أظن اننا نتحدث عن رقم يناهز الـ ٨ مليار ريال.




الأربعاء، 13 يوليو 2016

الخطوط السعودية.. نظرة من الخارج



الحديث عن الخطوط السعودية ليس حديثاً عن شركة عادية، خاصة لمن عرفها خلال فترة السبعينات والثمانينات الماضية؛ انها علامة من علامات الفخر في الوجدان السعودي وليست مجرد ناقل جوي.

تجربتي المحورية مع الخطوط السعودية كانت في مطار القاهرة من بضع سنوات، حيث صادف دخول طاقم رحلة لـ (السعودية) الى صالة المطار أثناء وجودي فيها، ورغم أنه منظر يتكرر دائماً الا أنه لفت انتباهي بشكل ما على غير العادة، كل تفاصيل حركة دخول الطاقم الى الصالة كان يشي بكل ما لم أكن أريد معرفته أو سماعه عما يدور داخل هذا الناقل العملاق.

مضت سنوات منذ ذلك اليوم ولم أجد مناسبة ملائمة للتعليق على أداء (السعودية)، ولكن التطورات الأخيرة في تنظيمها، والاتجاه نحو خصخصتها أعادت عندي الشعور بالواجب والالتزام بتقديم نظرة خارجية، أضعف الايمان وفاء للبيت الشهير:

                                 العين ترى ما دنى منها ونأى
                                 ولا  ترى   نفسها  الا  بمرآة

من أين أبدأ؟

لا أريد لأي مشاعر أن تنغص على طرح موضوعي لهذا التعليق، ولذلك سأحاول أن ألزم نفسي بحصر الملاحظات حول:

  •  عناصر نجاح هذه الصناعة، ومدى انسجام (السعودية) معها. إضافة الى،
  •  مرور سريع على توقعات إيرادات (السعودية)، وربحيتها، وهيكل مصروفاتها.

أولاً، عناصر نجاح الناقل الجوي:

هناك أربعة عناصر رئيسة مؤثرة في نجاح الناقل الجوي (غير مرتبة بحسب الأهمية):

  •  قوة العلامة التجارية وانتشار مكاتب مبيعاته.
  •  محتوى الخدمة التي يقدمها.
  •  التقنية.
  •  الاهتمام بالمورد البشري.

وسوف أبدأ التعليقات بأهمها، الاهتمام بالمورد البشري. أعتقد أن (السعودية) قدمت أداء جيداً في هذا المجال. ففي مجال اعداد الكوادر المؤهلة اهتمت ببرامج الابتعاث، وامتد اهتمامها الى انشاء أكاديمية للطيران (أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران)؛ وكذلك الرعاية الصحية الخاصة بمنسوبيها؛ ونادي (السعودية) الذي هو من أنجح النوادي الاجتماعية على مستوى المملكة؛ وغيرها الكثير مما كان دائماً اهتمامات غير مسبوقة بين الشركات المحلية.

واستكمالاً للحديث الإيجابي عن المجالات التي كان لـ (السعودية) متابعة جيدة فيها، مجال التقنية. فقد أدخلت نظام الحجز الآلي منذ عام 1978م، وواكبت كل التطورات التقنية التي مرت بها هذه الصناعة، من منصات الحجز عبر الانترنت، والخدمة الذاتية، والتذاكر الالكترونية؛ وكذلك الحال بالنسبة لعملياتها الداخلية.

ننتقل من هنا للحديث عن محتوى الخدمة، وهي من النقاط التي هي بمثابة (نهاية شهر العسل) عند الحديث عن (السعودية). فلا الحديث عن تجربة زيارة مكاتب المبيعات مما يسر؛ ولا تهالك الاسطول وعمره - وهو ما انعكست نتيجته على تجربة الراكب ككل وراحته والترفيه الذي يحصل عليه على متن طائراتها.

وأخيراً، لا يمكن أن نتوقف عن التعليق دون أن نتحدث عما أظن أنه أكبر خطأ، وهو النقص الحاد في عدد مكاتب المبيعات التابعة لـ (السعودية).

الأداء المقارن يشير الى نقص هائل في عدد مكاتب مبيعات (السعودية)؛ وأظن أنه ربما كان أكثر عامل أثر على نمو مبيعاتها، وخسارة جزء مهم من حصتها السوقية، لصالح منافسين بدءوا بعدها بكثير، وفي وقت كانت قوة علامة (السعودية) أقوى منهم بكثير جداً. أظن أن عدم امتلاك (السعودية) المباشر لشبكة واسعة الانتشار من مكاتب المبيعات، واعتمادها على وكلاء عنها، جعل حصتها غنيمة سهلة من خلال سيطرة المنافسين على وكلاءها.

المؤسف أنه ولا حتى محاولة الانتشار عبر الانترنت يجزيء عن مكاتب المبيعات المباشرة - لمن قد يتصور ذلك - فحتى أكبر شركات القطاع العالمية لا تزال مكاتب البيع المباشرة فيها تمثل 62% من تجربة الشراء لمنتجاتها.

ثانياً، توقعات إيرادات (السعودية) وأرباحها:

اذا اخذنا كل ما سبق في الاعتبار، واضفنا اليه فارق القدرة الشرائية النسبية بين أسواق الشركات المقارنة، وعدد الركاب المنقولين؛ فانه من الممكن أن نتوقع أن تكون إيرادات (السعودية) في سنة المقارنة (2014م) حوالي 2.79 بليون ريال وأرباحها التشغيلية حوالي 221 مليون ريال.

الملاحظة الأخيرة الجديرة بالذكر من نتائج نموذج توقع الإيرادات والأرباح لـ (السعودية) هو: ارتفاع مصروفاتها التشغيلية المباشرة عن الأداء المقارن بحوالي 15% أو تزيد قليلاً.