الخميس، 4 أغسطس 2016

المشهد الذي وضع نقطة النهاية لقبول الـ (الفوضى الخلاّقة)




بدأ أول ظهور علني لفكرة (الفوضى الخلاّقة) في حديث أدلت به السيدة كوندليزا رايس – وزيرة خارجية الولايات المتحدة وقتها – لصحيفة الـ (واشنطن بوست) مطلع ابريل عام 2005م.

ولا يبدو أن اطلاقها في ذلك التوقيت بالذات كان اعتباطياً؛ فقد جاء متزامناً مع زيارة لولي العهد السعودي وقتها للقاء السيد الرئيس جورج بوش (الابن). ويبدوا أنه تمت مناقشة تصوراتها أثناء الزيارة. يُنقل عن السيد دينيس روس تعليقاً على مادار من حديث في تلك الجلسة، أن ولي العهد حينها عبر عن مشاعره بصراحة عفوية مباشرة بأن الحديث أصابه بالـ (خوف!). ولكن يبدوا أن السيد الرئيس جورج بوش (الابن) استطاع أن ينجح في تهدئة نفس الضيف واقناعه أن لا شيء يدعو للقلق.

بعد ثلاثة أشهر أو تزيد قليلاً من تلك الزيارة بويع ولي العهد ملكاً للبلاد في الأول من أغسطس  2005م؛ وبالمناسبة فان يوم الأول من أغسطس يوافق يوم ميلاده أيضاً.

وتنبهت (الخارجية) للدور الجديد الذي ينتظرها، وأدركت أنها أمام فرصة مثيرة وعظيمة لتصنع ارثاً، نادراً ما يتكرر، لتتويج مسيرة طويلة من العمل الدبلوماسي لدرجة لم تستطيع معها السيطرة على نشوتها؛ حتى أنها وأثناء زيارة للسيدة كوندليزا رايس يوم 13 نوفمبر 2005م خرجت عن التقاليد المحلية واحتفلت بعيد ميلادها، وقدمت لها (تورتة) بهذه المناسبة، وغنت لها "سنة حلوة ياجميل!".

لقد كان الحدث خارج كل التصورات في حينها، لدرجة أن الصحافة الأمريكية نفسها علقت على غرابته، في بلد شديد التحفظ، ويَعتبر حتى الاحتفال بالمولد النبوي أمراً منتقداً في مشروعيته. ولكنه حدث يُظهر مدى الاستعداد للجموح في ذلك الاتجاه في ذلك الوقت.

استغرقت الأعمال التحضيرية للبنية التحتية لتنفيذ سياسة (الفوضى الخلاّقة) منذ ذلك الحين وحتى أواخر العام 2010م، حين أعلنت السيدة هيلاري كلينتون (خليفة السيدة كوندليزا رايس لمنصب وزارة الخارجية الأمريكية) خطتها لـ (الديبلوماسية والتنمية) والتي وضعت أهدافاً محددة لوزارة الخارجية في الخارج والتي تمثلت في:

§       المبادرة بالاعتماد على القوة المدنية كوسيلة غير مكلفة

للاستجابة للتحديات العالمية ومواجهة الكوارث.

§       تقوية وضع المرأة في العالم.

وبغض النظر عما قاسيناه نتيجة نجاح خطة السيدة كلينتون على نطاق عريض في العالم العربي (تونس، ليبيا، مصر، اليمن وسوريا) الا اننا يجب أن نعترف أن ادخالها للانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي كعنصر أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية كان قراراً عبقرياً وغير مسبوق؛ وأنها فاقت تصورات كل أحد على التنبؤ بشكل جيد بقدرة هذا العنصر الجديد على تعظيم أثر حركة القوة المدنية وتحويلها من مجرد (زوبعة في فنجان) الى أعاصير قادرة على اقتلاع أنظمة.

لقد حاول الملك أن يصابر ما يجري، ورآه (مخيفاً) يوماً ما، حتى وصلت الأوضاع الى قمتها في أحداث القاهرة في 30 يونيو 2013م. كان منظر المتظاهرين في شوارع القاهرة مهيباً! ويبدوا أنه أيقن معه أن (الخوف) الذي استشعره منذ اللحظة الأولى كان حقيقياً، وأن كل التطمينات التي حصل عليها لم تُحسن فعلاً قراءة ما هو قادم. وأن ضميره الإنساني لن يستطيع أن يتحمل (الفوضى الخلاّقة) لأبعد من ذلك بعد الآن.

لقد قرر أن يلقي بثقله كله خلف دعم اختيار الشعب المصري بغض النظر عن أي تصورات خارجية له. وقام بموقف بطولي وقتها، فقد اختار أن يجنب (الخارجية) الاحراج الرسمي وقرر أن يأخذ تلك الخطوة على شخصه وبتنسيق مباشر من فريقه الخاص.

لقد وضع لقاء الملك بالرئيس على متن الطائرة الملكية على أرض مطار القاهرة في 20 يونيو 2014م نقطة النهاية لقبول فكرة (الفوضى الخلاّقة).






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق