الأحد، 12 أغسطس 2012

السيد حسن محمد كتبي



لقد كانت دائما علاقة عمي السيد حسن كتبي بوالدي علاقة "روح واحدة في جسدين" كما وصفها دائما. ومن كان قريبا منهما يعلم أن هذا الوصف لم يكن من قبيل الاوصاف الأدبية للعلاقة بينهما، بل حالة بينهما كنا نعايشها. وأحمد الله أن سمحت لي هذه العلاقة الخاصة أن أتمتع بالنشأة في دائرة اهتمامه يرحمه الله، وأن أقترب منه على الصعيد الشخصي في الفترة التي أمتدت تقريبا من عام 1998م – 2000م.


لقد أتاحت لي تلك الفترة أن أرى فكره وأعماله عن قرب، وبتعليقات مباشرة منه، بشكل زاد من عمق معرفتي به وحبي له على المستوى الانساني وليس فقط على أساس العلاقة الأسرية.

وأول ما تكتشفه فيه – يرحمه الله – هو تصوراته الواقعية للحياة. فان جميع العلوم تكتسب قيمتها الحقيقية عنده بقدر فعلها الايجابي في حياة الناس. وظهر ذلك بشكل مستمر في كتاباته، وفي رؤيته لرسالة الاسلام، فلم يقف عند حفظ علومه واقامة وظائفه، بل سعى دوما الى تقديمه كأحد أهم روافد التراث الانساني وابراز أهمية ارتباطه بالسماء بأصفى وأوثق وأجمع رباط لخير الانسانية. 

ومما يلفتك بشكل بارز في أعماله، اهتمامه بتجسيد آمال وطموحات قادة البلاد، وتفانيه في بعث الحياة فيها ورعايتها. كانت رابطة العالم الاسلامي أملا ورجاء للمؤسس المغفور له جلالة الملك عبد العزيز؛ فلم يزل يعمل بكل جهد لتنظيم الدعوة لها حتى قيض الله الملك فيصل ليدعم الروح التي بدأت بها تلك الدعوة ليتحقق أمل الأجيال بقيام رابطة العالم الاسلامي. 

ولما لم تكن ولادة هذا الكيان يسيرة في بدايته، وكان قد تعرض للكثير من المضايقات والتهم التي لحقت به في ظروف تأسيسه، فقد انبرى يرحمه الله في حركة دائبة واسفار متصلة لمقابلة رؤساء الدول الاسلامية، وحضور المحافل الدولية، والمشاركات الصحفية للذود عن أهداف الرابطة وغاياتها وتنقية سمعتها. لقد بذل كل ذلك، وقبل كل شيء، حبا واخلاصا لدينه ومليكه ووطنه، وعشقا وايمانا بالبصيرة النافذة لقادة هذه البلاد.

وقد كانت درة التاج من أعماله - يرحمه الله – دوره في مكافحة الشيوعية، وصمود السعودية أمام المد الشيوعي في فترة أوائل النصف الثاني من القرن الماضي والتي كان رائدها جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز. 

والمتدبر لرحلة الصمود تلك لابد أن يعجب بجانبين مهمين فيها:


   أولا، البصيرة النافذة لقادة هذه البلاد في اختياراتها الموفقة للنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تبنته، بالرغم مما واجهته من صراعات خشنة أحيانا للدفاع عن تلك الخيارات في حينها.


   ثانيا، الطريقة التي أديرت بها مهمة الصمود والتي نجحت بشكل فعال في تكسير الموجة العاتية التي كانت تزحف على العالم الاسلامي لتشقق كيانه وتهدم بنيانه.


أسأل الله أن يتغمد روحه الطاهرة برحمته، وأن يدخله فسيح جناته، وأن يجعله من أول الواردين على حوض نبيه المصطفى – صلى الله عليه وسلم، ومن أوائل الناظرين الى وجهه الكريم.. آمين




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق