الجمعة، 7 سبتمبر 2012

قراءة في كتاب: الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي - مسيرة حياة

 

احياناً تمتزج بعض الخصال ببعض الاشخاص لدرجة لا تغدوا قادرا معها على تحديد ايهما يدل على الاخر، واظن ان كل من اقترب من الشيخ صالح الراجحي سواء بالمخالطة او من خلال سيرته يدرك علاقة مماثلة بين الشيخ صالح وثلاث خصال، هي: الايمان، والجسارة، والرأي المستقل.

***

 

واعتقد ان هذه الخصال نمت وتطورت داخل تكوين الشيخ صالح بحكم الضرورة لتجاوز امتحان الشب عن الطوق، ثم رافقته كاسلوب حياة اسهم بشكل مباشر في تحقيق ما وصل اليه.

 

لقد كان الايمان ضروريا لتجاوز مفازة الخوف والمجهول التي وجد نفسه فيها. فقد اسهم بشكل فعال في "عدم اكتراثه بما يشغل الناس من المخاوف التي تنشأ اكثر ما تنشا من اوهام النفس" والتي غالبا ما تحول بين كثير من الناس وحركتهم في الحياة.  

 

ومن الشواهد في هذا السياق، انه ركب يوما الطائرة برفقة ابن عم له، ويبدوا ان الطائرة دخلت في منطقة مطبات جوية شديدة، فالتفت اليه ابن عمه قائلا: يا صالح، لو مت فانت وكيلي..! فرد عليه الشيخ صالح: لن يحدث شيء انشاء الله؛ فقد صليت الوتر وقرات الاوراد! وشاهدنا من هذه القصة هو تلقائية رد الشيخ صالح، فهو يضعنا امام رجل يخوض الاخطار في حياته معتمدا على ايمان وحسن ظن بالله ليس لهما حدود.

 

ورغم ان الكثير من المخاوف تنشا من اوهام النفس، الا ان البعض الحقيقي منها اذا اطلت بوجهها الغليظ معترضة طريق الانسان فانه يحتاج الى الكثير من الجسارة للوقوف وجها لوجه في مواجهتها لاكمال مسيرته ومثابرته حتى ينهي ما بدا.

 

كذلك كنا راينا في حالة الشيخ صالح كيف دفعت به الاحداث لمنطقة مجهولة في سن حديثة في ظل غياب خبرة مشابهة بجواره مما جعله مضطرا للاعتماد والتعود على استفتاء قلبه للوصول الى راي. وبالتالي، فان كل خطوة ناجحة كان يخطوها كانت تزيد من جلاء صفحة قلبه وتدعم اعتداده برايه. ولذلك، فانه ليس من المستغرب ان يعلق المحيطين به على هذا الجانب من شخصيته بالقول: انه لم يكن "يخضع رايه لرغبات الاخرين، ولا يجعل قراره اسير أفكارهم".

 

***

 

بقيت نقطة أخيرة في تجربة الشيخ صالح الراجحي لابد من الإشارة إليها. وهي وان كانت ليست جديدة من حيث المحتوى، إلا أن قيمة الوقوف عليها عند الشيخ صالح هي كونه صاحب تجربة مباشرة فيها. ذلك انه تعرض في بداية حياته للمنع من الجلوس في السوق، والعمل بالصرافة، ولم يخرجه من تلك الحادثة إلا تأييد المشايخ لأعماله. لم تكن هذه الحادثة لتمر على الشيخ صالح دون استخلاص العبرة التي فيها، ولعل ذلك ما انعكس على اسلوبه لاحقا حيث اصبح "كثير الاهتمام بإذن ولاة الأمر، وتأييد المشايخ لأعماله إذا أراد الإقدام على مشروع معين".

 
 ***
 

اخيراً، وفي ختام الاوقات الجميلة التي قضيتها في صحبة مسيرة حياة الشيخ صالح الراجحي لا املك إلا أن اردد خلف الشيخ الدكتورعبدالرحمن اللويحق: "هذا الرجل لا يمكن أن يعرفه احد ولا يحبه".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق