الأحد، 25 فبراير 2018

الفلسفة... فرض الكفاية الذي يدعم استدامة تفوق أي امة



"يمكننا مقارنة درجة حرارة كتلتين (ب) و (ج) من خلال اختيار كتلة قياسية (أ) ومراقبة تغير حجم الكتلة (أ) عند نقطة التوازن الحراري مع الكتلة (ب)؛ وعند نقطة التوازن الحراري مع الكتلة (ج) – قياساً الى حجم المادة (أ) عند نقطة مرجعية مثل نقطة التوازن الحراري بين الكتلة (أ) وكتلة بخار الماء تحت الضغط الجوي والمعروفة بـ 100 درجة مئوية."  
            د. ماكس بلانك
ما الذي يعنيه ما سبق  بـ (البلدي):

ما يعنيه، انه اذا كان لديك كتلتان (ب) و (ج) واردت المقارنة بين درجة حرارتيهما، فما عليك سوى أن تضع ميزان حرارة (أ) ملامساً لكل منهما وقراءة درجة الحرارة التي يقرأها لكل منهما.
ما الفرق بين الفقرتين؟
الفقرة الاولى تتحدث من منطلق (فلسفة العلم/المعرفة)، اما الثانية فتتحدث من منطلق (التطبيق).
المشكلة الحقيقية تحدث عندما يدمن الناس (التطبيق) حتى يفقدون صلتهم بـ (الفلسفة) التي تقف وراء (التطبيق). تماماً مثلما ادمن الناس مثلاً الاعتماد على (وايتات) الصرف الصحي كبديل لشبكات الصرف الصحي لدرجة غيبتهم عن الوعي بالتلوث البيئي وضرورات الصحة العامة.
اما المشكلة الحيوية الاعمق، فهي أن (التطبيق) لا يعطي قدرة على استدامة العلم/المعرفة وخلق وانتاج (تطبيقات) متقدمة. بمعنى، ان غياب التمكن من فلسفة العلم/المعرفة التي تقف وراء تطبيق ما، يعني فشل القدرة على اعادة انتاج العلم/المعرفة التي انتجت (التطبيق) أساساً عند الحاجة، أو القدرة على خلق وانتاج (تطبيقات) متقدمة.

وقد شاهدنا ذلك ربما حتى على مستوى دول. على سبيل المثال، المانيا واليابان، ورغم انهما تمت تسوية بعضهما بالارض اثناء الحرب العالمية الثانية، الا انهما استطاعتا ان تعيدا انتاج معارفهما وتطويرها لتنافسا مرة اخرى على صدارة العالم؛ بينما عجزت دول كثيرة لم تتعرض ولا حتى لمعشار ما تعرضتا له ولما تقم لها قائمة بعدها.
الخلاصة، أن (التطبيقات) مهمة، ولكن ليس على حساب (الفلسفة). صحيح أن (الفلسفة) ليست قريبة لجيوب الناس ولا قلوبهم مثل (التطبيقات)، ولكنها تظل الدرع الحقيقي، وفرض الكفاية الذي يدعم استدامة تفوق اي امة. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق