الاثنين، 18 فبراير 2019

الخزن الاستراتيجي الأمريكي، وعبقرية بيل ريتشاردسون، وحاجتنا الى مسيرة تنموية مستقرة



منذ ولادة الخزن الاستراتيجي الامريكي في العام ١٩٧٥م ظل وسيلة دفاعية ضد تقلبات الامزجة التي قد تفرزها تداخلات النفط والسياسة حتى جاء وزير الطاقة بيل ريتشاردسون، العبقرية الذي نقل الخزن الاستراتيجي من دوره الخامل الى دور نشط وفاعل في وسط ما انتجته الازمة الآسيوية في الاعوام ١٩٩٨-١٩٩٩م.
لقد بَصُر بيل ريتشاردسون وقتها، أن بامكانه استخدام ميكانيزم الخزن الاستراتيجي بدعم وموافقة من الكونغرس لتجفيف فوائض الاسواق واعادة التوازن لسوق النفط، وانتشال الأسعار من واحدة من أسوأ انهياراتها، وهذا ما أنجزه فعلاً.
المشكلة أن هذا الكشف فتح العيون من بعده على امكانية استخدام ما يتيحه ميكانيزم الخزن الاستراتيجي الأمريكي من التحكم فعلياً في اسعار النفط العالمية من خلال التحكم في فوائض الاسواق.

وبالرغم من أن الاوبك استطاعت مؤخراً استعادة جزء مهم من تأثيرها على مستويات الأسعار، عندما قررت توسيع دائرتها بالتعاون مع المنتجين البارزين من خارج اوبك؛ وبذلك احكمت قبضتها بشكل ممتاز على قدْر مهم من حجم الكميات المشاركة فعليأَ في المعروض في السوق من انتاجهم؛ الا أن الوقوف عند هذا الانجاز أبقي الأسعار مفتوحة على مزاج الخزن الاسترتيجي الأمريكي بدون ضابط - من خلال استمرار قدرته على تقرير مصير فوائض الأسواق وقدرته على اغراق الأسواق أيضاً في أي وقت.
وبالتالي، وحتى تستعيد الاوبك والمنتجين المتعاونين معها كامل تأثيرهم على مستويات الأسعار، فانه ليس أمامهم على ما يبدوا الا تحجيم دور المارد الذي أطلقه بيل ريتشاردسون، وأظن أن ذلك لا يمكن تحقيقه الا من خلال ايجاد ذراع تتمتع بآلية قادرة على تجفيف ما يتسرب من الخزن الاستراتيجي الأمريكي أثناء نوبات انفعالاته العصبية وأي فوائض انتاجية في الأسواق، وتحويلها الى خزن استراتيجي في مناطق الطلب؛ وبذلك يمكنها: اعادة الامساك بزمام الأسعار مرة أخرى، وما يلحقه من استقرار في برامج دول الاوبك واوبك+ التنموية؛ والمحافظة على مصالح المستهلكين والمنتجين في ذات الوقت؛ وتوسيع الحصة السوقية المستقبلية في المراكز سريعة النمو ذات الطلب الكثيف. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق