الأربعاء، 16 يوليو 2014

قضايا فلسفية في تجربة يونج




ما هي الإضافة التي قدمتها تجربة يونج للعلم ولفهم الكون الذي نعيش فيه ؟
لقد. اثبتت التجربة أن الأجسام التي نراها حولنا وتحكم حركتها القوانين النيوتونية المعروفة لا تتصرف على مستوى مكوناتها الميكروسكوبية بنفس النسق، بمعنى انها على مستوياتها الدقيقة لا تتصرف كاجسام وانما كموجات.
وقد اثار ما أثبتته هذه التجربة من ازدواجية في طبيعة المادة ضجة علمية استمرت حتى هذه اللحظة. كما انها أثارت العديد من القضايا الفلسفية حولها. وعلى المستوى الشخصي، فان تجربة يونج ومشاهداتها التي تم تسجيلها تثير عندي بعض التأملات.
اولا : فان في تجربة يونج، عندما يتم تقييد مسار حركة الجسيمات الدقيقة فان نقطة استقبالها تكون مطابقة لما هو متوقع بموجب القوانين النيوتونية المعروفة. ولكن السماح، ولو حتى بمجرد مسار إضافي واحد، فان نقاط الاستقبال تنتشر عندها على شكل أهداب متفرقة، وتفشل القوانين النيوتونية في الدلالة بشكل مباشر على نقطة استقبال اي جسيم، وكل ما يمكننا معرفته عنها هو مجرد توزيع احتمالي لنقاط الاستقبال الممكنة. فهل يمكننا ان نفهم في اطار ذلك كيف ان ( لو ) تفتح عمل الشيطان، ربما !
ثانيا : عندما امكن رصد المسار الذي سلكته بعض الجسيمات وتحديده، فان هذه الجسيمات التي امكن رصدها تصرفت بشكل مطابق لتوقعات القوانين النيوتونية، بينما بقية الجسيمات انتشرت في شكل الأهداب السابق. بمعنى ان تلك الجسيمات التي استطعنا رصدها سلكت طبيعة الأجسام، بينما تلك التي لم نتمكن من رصدها سلكت طبيعة الموجات (نظرية الوعي الكمي).
فهل يعني هذا ان المادة في اصلها موجية الطبيعة، وان الفلاتر التي تمليها بشريتنا تجبر كل ما يدخل في نطاق إدراكنا على تغيير طبيعته الى الجسمانية، ممكن !
وبناء على هذا التصور الاخير، فهل يعني هذا، ان الطاولة التي أراها أمامي الآن هي طاولة فعلا ام ان إدراكي البشري للموجات التي يمثلها هذا الشيء ظهرت في وعيي انها طاولة. وهل ينسجم هذا التصور مع الأثر الذي يشير الى ان الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا - وبالتالي فان كل ما نراه حولنا انما هو تعبير لما تدركه بشريتنا من المادة المحيطة بها، كما نعبِّر نحن ما نراه في المنام لبناً بانه العلم مثلا، محتمل !

اعتذر من القارئ على هذا الطرح التجريدي والذي قد لا يكون في سلاسة موضوعات اخرى. ولكني في الحقيقة تعنيت كتابة هذه الفكرة بهدف. وهو انني اردت لفت انتباه القارئ العزيز الى مجال من مجالات الكتابة الذي نفتقده كثيرا في مكتباتنا العربية، الا وهو مجال الكتابة في موضوعات الخيال العلمي. وهو مجال فقدنا للأسف من يحمل رسالته في عالمنا بعد الكاتب الكبير راجي عنايت والذي كان ولا يزال عَلَم هذا الفن في اللغة العربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق