الجمعة، 17 أكتوبر 2014

كيف سيتغير شكل الكتابة في المستقبل؟



هل تعرف ماذا يعني "الاندركرانكنج" – under cranking – في لغة السينما؟ "الاندركرانكنج" يعني تصوير المشهد بسرعة أقل كثيراً من السرعة التي سيعرض بها؛ والنتيجة، تظهر الاحداث سريعة في المشهد عند عرضه للمشاهد.

ورغم أن المشهد قد يظهر مترابطاً ومتصلاً على الشاشة، الا ان المُشاهد بدون شك يخسر الكثير من تفاصيل ما جرى في المشهد العام.

وعلى العكس من ذلك، فاذا أردنا الحصول على تفاصيل أكثر عما جرى في المشهد العام، فاننا نحتاج الى ابطاء أحداث المشهد، ونلجأ في ذلك الى ما يعرف بـ "الاوفركرانكنج" – over cranking – حيث يتم تصوير المشهد بسرعة اكبر بكثير من السرعة التي سيعرض بها.

ما هو الفرق بين "الاندركرانكنج" و "الاوفركرانكنج" على مستوى اللَّقطة؟

في "الاندركرانكنج" هناك حركة كثيفة ومختلطة على مستوى اللَّقطة. أما في "الاوفركرانكنج" فان التغير في الحدث يكون محدوداً جداً على مستوى اللَّقطة.

في الكتابة، يشبه ذلك الى حد بعيد كتابة القطعة – paragraph – والكتابة بالمقاطع. ففي لقطة "الاندركرانكنج" هناك الكثير مما يمكن سرده في كل لقطة عما قبلها، وبالتالي فالقطعة انسب لتسجيلها. أما في لقطة "الاوفركرانكنج" فما يمكن سرده محدود للغاية، ويكفي كتابة مقطع صغير للتعبير عنها، ولكن قيمته على مستوى ادراك تفاصيل المشهد العام لا يمكن تثمينها.

أعتقد أن هذا التقابل يفسر لنا لماذا كلما اقتربنا من الحقيقة وتفاصيلها كنا أكثر ميلاً للكتابة والتعبير عنها باسلوب المقاطع اكثر من التعبير عن ذلك باسلوب القطعة. ويفسر لنا كذلك العديد من الشواهد المرتبطة بذلك. مثلاً، الثقافة الصينية والمعروفة بثرائها بالحكمة تكتب بشكل مقاطع؛ كذلك تسجيل المشاهدات الصوفية يغلب على تسجيلها استخدام المقاطع الشعرية؛ وفوق ذلك كله الكتب المقدسة..


وبما أن الكتابة هي نوع من التعبير عن روح عصرها، فلن يكون غريباً في عصر الفيمتوثانية أن نجد انفسنا مضطرين للعودة للكتابة باسلوب المقاطع بدلاً من اسلوب القطعة السائد! 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق