الخميس، 29 أكتوبر 2020

المعرفة الآدمية بالله ما قبل الطوفان ـ تجربة آدم عليه السلام

 

 

بعد قراءات عديدة لكتاب (فصوص الحكم) للشيخ الأكبر، أظن أنني اقترب اكثر واكثر من تصور أن المؤلف ربما اراد من الفصوص، المرتبط كل منها بنبي من الانبياء، أن يقدم رصداً لتطور المعرفة البشرية بالله من خلال تتبع كل نبي من الانبياء في تجربته الخاصة مع الله.

 

وفي هذا المقال المختصر، سأحاول تقديم تصورات المؤلف عن تطور هذه المعرفة البشرية المباشرة بالله في الفترة التي سبقت الطوفان كعينة على ما يمكن أن تنتجه هذه المحاولة اذا استمرت لتغطية كل الانبياء؛ وبالتالي فان المقال سيتعرض لتجربة اربعة انبياء فقط من مجموع الانبياء المذكورين، وهم: آدم، شيث، ادريس ونوح عليهم السلام اجمعين.

 

ولعله من الملفت في سرد الكتاب اختلاف ترتيب بعض الانبياء فيه عن التسلسل التاريخي لظهورهم. اما بالنسبة للمقال فانه سيلتزم بالسرد التاريخي وسيترك للقاريء حرية البحث والتفكير في اعتماد المؤلف ترتيباً مغايراً لذلك.

 

وكذلك سيلتزم المقال مع كل نبي بالوقوف مع تجربته الخاصة التي تميزه، وسيتوقف ما امكن عن التجارب المستطرقة بين الانبياء.

 

وربما يتضمن المقال بعض التعليقات على الهامش كلما كان ذلك مناسباً.

 

 

تجربة آدم عليه السلام

 

أنشأ الله العالم على صورة مختصرة من أسمائه؛ ثم خلق آدم – أول صورة محيطة جامعة لما في الصورة الالهية من الاسماء. وبذلك يبدوا آدم كنسخة اسمائية متطورة عما سبقه من خلق الى هذا العالم.

 

وقد لا يكون واضحاً فضل احاطة خلق آدم للأسماء كلها.. 

 

ولكننا لو امعنّا النظر مثلاً في استغفار آدم عن اكله من الشجرة، وتكبُّر ابليس عن نفس جنس الاستغفار عند امتناعه عن السجود، لعَلِمنا كيف أن عدم استغفار ابليس صدر عن عجز وليس عن استكبار؛ وأن ابليس ابتلى نفسه بعدم  مراعاة خَلْقِهِ على صورة مختصرة من الأسماء لم تعطه العلم بالاستغفار الذي أحاط به آدم؛ وبذلك وقف عاجزاً عن تقديم توبة مثل التي قام بها آدم.

 

ثم انه تعالى أنشأ صورة آدم الباطنة على صورته تعالى، فنفخ فيه من روحه، فكان صورته من جميع الوجوه (الا في افتقار آدم اليه تعالى في الوجود، وغناه تعالى عن مثل ما افتقر اليه آدم).

 

ونظراً لظهور صورة آدم الباطنة بصورته تعالى، فقد احالنا تعالى (الخلق الآدمي) في العلم به الى انفسنا لنستدل بنا عليه.

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق