الجمعة، 31 يوليو 2015

المشهد السوري.. اعادة عرض بالصورة البطيئة



لقد جرت الاحداث في المشهد السوري بسرعة اكبر من قدرتنا على متابعتها، والنتيجة ان كثيراً من مشاهدها المهمة قد سقطت منا، وبالتالي لم نعد قادرين على اعادة بناء المشهد بشكل صحيح لنعرف نقاط الكسر التي ادت للوضع الحالي؛ وبالتالي تحديد طرق ترميمها الممكنة. من اجل ذلك، كان لابد من اعادة عرض المشهد بالسرعة البطيئة حتى يمكن مشاهدة اللقطات التي سقطت منا في زحمة الاحداث.

يبدو ان البداية الحقيقية للمشهد تمتد الى الوقت الذي قررت الولايات المتحدة فيه التدخل وادارة الدولة في العراق. ويبدو ان ذلك لم يكن البتة امراً مريحاً لروسيا. ويبدو ان روسيا وجدت حلاً عملياً يكفيها شر المواجهة ويحقق في نفس الوقت النتائج التي ترجوها. حيث استطاعت ان تقنع ايران بالتعاون معها لتمكينها من اقتناء التكنولوجيا النووية في مقابل ازعاج وجود الولايات المتحدة بما يجعل بقاءها في العراق مستحيلاً.

اثبتت الايام ان ايران لم تفشل في مهمتها. واستطاعت بالفعل ان تجعل الولايات المتحدة تقرر الانسحاب من العراق. ولكن يبدو ان الولايات المتحدة لم تكن تنوي الانسحاب من منطقة الهلال الخصيب، ولكنها ربما كانت تظن انه بامكانها الخروج من العراق بالانسحاب غرباً الى سوريا. ويبدو ان سوريا جديدة ومبادرات انفتاح ناجحة اغرت بان تحقيق ذلك امراً ممكناً. ولكن الصدمة كانت في الرفض السوري لاستضافة الوجود الامريكي.

غضبت اميركا، فثارت لغضبتها فوضى خلاقة في سوريا! ويبدو ان النظام في سوريا رأى انه قادر على كسب الموقف بالمراهنة على المهمة الايرانية نفسها - بالنيابة عن روسيا – للتخلص من اثار الغضب الامريكي. ولكن الولايات المتحدة استطاعت ان تمنع ايران من تحقيق مهمتها حتى اللحظة باستخدام طريقة من سحر الشرق العتيق – "طريقة شهرزاد" . لقد سمحت لمجموعة هواة من حول العالم باقامة عروض مسرحية على المسرح السوري على مدار اليوم من وحي حكايات "الف ليلة وليلة".

مما سبق، اظن اننا بدأنا اخيراً في اتخاذ المسار الصحيح. فتوقيع الاتفاق النووي مع ايران من شأنه فصل التيار عن الاندفاع الايراني للتحرك بالوكالة عن المصالح الروسية في المنطقة من خلال الحد من البرنامج النووي الايراني.

وبقيت خطوة ثانية على نفس القدر من الاهمية اذا اراد الرئيس اوباما ان يترك ارثاً محموداً في هذا المكان من العالم. القدرة على ان يتجاوز الجرح الغائر الذي احدثته الصدمة من النظام السوري، مقابل انسحاب ايران وحزب الله من المشهد من جهة؛ وتجميد دور المعارضة واقفال عروض مسرح "الف ليلة وليلة" في ذات الوقت من الجانب الاخر؛ ويُترَك فعلياً للشعب السوري تقرير مصيره بنفسه.

الحقيقة، انا غير قادر على تقديم تقدير لموقف النظام مما جرى. لا شك انه فقد فرصة مهمة بادارة ظهره للولايات المتحدة، ولكن هذا شأن داخلي يصعب التعليق عليه. المحزن، ان الولايات المتحدة عندما تدير ظهرها خارجة من مكان ما فانها حريصة على اطفاء الانوار خلفها. فيتنام تصورت انها كسبت موقفها، ولكنها في الواقع سقطت في عالم من الظلام والنسيان بعد ان ادارت الولايات المتحدة ظهرها لها.

يبقى الامل في الانسان السوري العريق ان يعيد بناء سوريا. الامل في الجينات السورية التي ترعرعت في رجل ولِد في ظروف مرتبكة جداً ورغم ذلك اصبح ستيڤ جوبز؛ والتي وجِدت في رجل مهاجر غريب ورغم ذلك استطاع ان يكون كارلوس منعم.


السيد الرئيس باراك اوباما، انها فرصتك وفرصتنا معك ان تترك ارثاً زكياً في عالمنا. الشعب السوري يستحق منك ذلك.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق