السبت، 9 أبريل 2016

التخطيط والسقوط في متاهة الاحلام



هل شاهدت فيلم Inception من قبل ؟ الفيلم من افلام الخيال العلمي، قام ببطولته الممثل ليوناردو دي كاپريو، وتم عرضه عام ٢٠١٠م، وحقق ايرادات في شباك التذاكر قدرها ٨٢٥.٥ مليون دولار.

الفيلم قائم على فكرة ظريفة ! ان قرار الفرد هو حصيلة ذهنية تشكلت في عقله الباطن بحسب تركيبات تخلّقت بين الخبرات والاحداث التي تراكمت فيه. وبالتالي - نظرياً على الأقل -  ان امكن الدخول الى عقله الباطن، وتغيير اي من التركيبات فيه، فسنتمكن من تغيير ذهنيته، وبالتالي التحكم في القرار الذي نريده منه.

ومن اجل الدخول الى العقل الباطن للفرد، كان لابد من العثور على بوابة للدخول اليه منها.

اكتشف البطل تلك البوابة. انها احلام الفرد. فمن خلال الدخول مع الفرد في حلم مشترك، يمكن للمعالج التسلل منه الى عقله الباطن، وتعديل الروابط بين الخبرات و الاحداث بحيث تعطي الذهنية المطلوبة. وعند الافاقة، يكون قد تم الحصول على التغيير المطلوب في قراره.

دراما الفيلم تكمن في ان روابط التركيبات لا توجد كلها في مستوى واحد من اللاوعي؛ والانتقال الى مستوى اعمق يحتاج الى الدخول في حلم جديد داخل الحلم الذي يسبقه. وعقدة المعالج في الحالات المعقدة، ان يفقد القدرة وسط الاحلام المتداخلة على التفريق بين حالة اليقظة والحلم؛ فيضيع في تلك المتاهة الى الابد.

لكن البطل، اكتشف حيلة بسيطة لكي يعرف بها ان كان في يقظة او حلم. فصار يحتفظ في جيبه بـ "مدوان".

في الواقع، عندما تدير المدوان بسرعة، فانه يستطيع الدوران على راسه بعض الوقت بسبب توازن القوى المؤثرة عليه؛ ومع التأثيرات الطبيعية التي تبطيء سرعة دوران المدوان، فان مجموعة القوى المؤثرة عليه  يختل توازنها، فيسقط المدوان على جانبه.

اما في الاحلام، فانها حالة مثالية من الواقع، وبالتالي لا توجد أي قوى تقوم على ابطاء سرعة دوران المدوان؛ وبالتالي فانه يستمر في الدوران على راسه الى مالا نهاية.

من ملاحظة هذه المفارقة البسيطة وباستخدام هذه الآلة البدائية، تمكن البطل من التفريق بين حالتي اليقظة والاحلام، وتمكن من حل العقدة التي اعترضت طريق نجاح مهمته. انتهى.

الشاهد، أن ادارات التخطيط، وخصوصاً على المستويات الضخمة والمعقدة، معرضة جداً لوقوعها في متاهة الخطط المتداخلة بنفس الطريقة؛ فلا تعود قادرة على التفريق بين ما تجيزه قوانين عالم الخيال وما تقبله قوانين العالم الطبيعي. كما تفقد السيطرة على التمييز بين الخيال واليقظة، وتنتهي ضائعة في متاهة الاحلام الى الأبد. وعندما يحدث ذلك، يصبح التدخل القسري لاخراجها الى واقع الحياة حتمي وفوري.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق