الاثنين، 9 مارس 2020

نظرة (هيليكوبترية) لموضوعات كتاب فصوص الحكم للشيخ محيي الدين بن عربي



اظن ان قاريء (فصوص الحكم) للشيخ محيي الدين بن عربي يحتاج الى نظرة (هيليكوبترية) لموضوعات الكتاب قبل بداية مشروع قراءته، حتى يتمكن من فهم وربط تفاصيل ما يتضمنه..
واظن ان محاولة قراءته بدون هذه النظرة، اشبه بمحاولة تركيب لعبة احجية صور مقطعة كبيرة العدد، منافسة لاحجية كوداك لاهم 27 معلم من معالم عجائب الدنيا، بدون وجود الصورة الخارجية التي تظهر الصورة المكتملة النهائية بعد تركيب كامل قطع اللعبة الى بعضها..
مجهود اعظم من وصفه بمجرد تحدي..
وأظن أن النظرة الهيليكوبترية لموضوعات الكتاب تعطي الانطباع أن الكتاب يسير على مسارين واضحين، ولكنهما يسيران احياناً بشكل متوازي واحياناً بشكل متقاطع ومتشابك في احايين أخرى.
المسار الاول متأثر بشكل كبير بحكمة النبي خالد بن سنان عليه السلام والذي حاول أن يخبر قومه بأحوال القبر والبرزخ بعد نبش قبره عند علامة جعلها لهم، ولكن قومه أضاعوه، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغوه مراده..
الفرق بينهما أن الشيخ محي الدين بن عربي اختار الجانب الآخر من الحياة وحاول أن يقدم للناس نظرة عرفانية عن كيفية بدء الخلق، ومقتضيات هذه النظرة من سريان الحق في العالم وكافة تداعياتها؛ ونجح في ذلك، بدليل تداول مؤلفاته بشكل حي حتى يومنا الحاضر.
اما المسار الثاني، فيبدوا متأثراً بحكمة النبي اسحاق عليه السلام والذي يرى الشيخ أنه (الذبيح) وليس اسماعيل عليه السلام، ويرى الشيخ أن رؤيا ابراهيم عليه السلام انه يذبح ابنه وتعبيرها بذبح عظيم يفتديه تدل على أن داخل الحكاية دائماً حكاية تحتاج الى تعبير في هذا العالم..
ومتأثراً أيضاً بحكمة النبي نوح عليه السلام والتى ترى أن الحق عبر عن نفسه بضفيرة بين العقل و الخيال، مثلاً }وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى{ وبالتالي لا يتحقق الفهم الصحيح عن الحق بغير ما ارتضاه لنفسه؛ لا باستخدام الخيال المطلق ولا بالعقل المطلق.
ومن خلال تأثره بهاتين الحكمتين الأخيرتين اعاد تفسير الكثير من المواضع القرآنية والاحاديث الشريفة؛ وجاء فيهما بمعان اصيلة وغير مسبوقة في غالب الأحيان.
وأظن أن قراءة، او اعادة قراءة، كتاب (فصوص الحكم) بهذه النظرة الهيليكوبترية في الخلفية الذهنية للقاريء ستجعل من قراءته اكثر سلاسة وقرباً من المعنى الذي اراد الشيخ اخراجه، أو أُمِر باخراجه، للناس في هذا الكتاب.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق